زيد هل هو محكوم عليه بالقيام لضرورة تفرغ العامل له، أو تقولون هو مخرج من الحكم كما تقدم؟ قالوا الكل سواء عندنا، والقيام إنّما نجزم به، وغيره من الأحكام إنّما هو بقرائن الأحوال الدالة على ثبوت ذلك الحكم لذلك المستثنى لا باللفظ لغة، ولذلك قلنا إن كلمة الشهادة تفيد التوحيد بالقرائن الدالة من ظاهر كلّ متلفظ بها، أنه إنّما يقصد التوحيد دون التعطيل.
وإذا تعقب الاستثناء الجمل يرجع إلى جملتها عند مالك والشافعي وعند أصحابهما - رحمة الله عليهم - وإلى الأخيرة عند أبي حنيفة - رحمه الله - ومشترك بين الأمرين عن الشريف المرتضى (?) ، ومنهم من فصل فقال إن تنوعت الجملتان بأن تكون إحداهما
خبراً والأخرى أمراً عاد إلى الأخير فقط، وإن لم تتنوع الجملتان ولا كان حكم أحدهما في الأخرى، ولا أضمر اسم إحداهما في الأخرى فكذلك أيضاً، وإلا عاد إلى الكل، واختاره الإمام، وتوقف القاضي أبو بكر منا في الجميع.
مثال إحداهما خبراً والأخرى أمراً قولك قام الزيدون وأكرم العمرين إلاّ الطوال.
ومثال عدم التنوع وحكم إحداهما في الأخرى قام الزيدون والعمرون إلاّ الطوال؛ فإن العمرين ناب مناب الفعل في حقهم العطف، فقد يستغنى بحكم الأولى عن حكم الثانية، فصارت الثانية متعلقة بالأولى من حيث الجملة، وصارت الجملتان كالجملة الواحدة، فناسب العود عليهما.
ومثال إضمار الاسم دون الحكم قوله قام الزيدون وخرجوا إلاّ الطوال فإن الضمير الذي هو الواو عائد على الظاهر المتقدم، فقد صارت الثانية مفتقرة للأولى في