وقالت الواقفية إن كانت الوسيلة سبب المأمور به وجبت وإلا فلا، لم الوسيلة إما أن يتوقف عليها المقصد في ذاته أو لا يتوقف. والأول إما شرعي كالصلاة على الطهارة، أو عرفي كنصب السلم لصعود السطح، أو عقلي كترك الاستدبار لفعل الاستقبال. والثاني نجعله وسيلة إما بسبب الاشتباه نحو إيجاب خمس صلوات لتحصيل صلاة منسية، أو كاختلاط النجس بالطاهر والمذكاة بالميتة والمنكوحة بالأخت، أو لتيقن الاستيفاء كغسل جزء من الرأس مع الوجه، أو إمساك جزء من آخر الليل مع نهار الصوم.
أجمع المسلمون على أن ما يتوقف الوجوب عليه من سبب أو شرط أو انتفاء مانع لا يجب تحصيله إجماعاً، فالسبب كالنصاب يتوقف عليه وجوب الزكاة ولا يجب تحصيله إجماعاً وإلا فإنه يتوقف عليها وجوب الصوم، ولا يجب الإقامة لأجله إجماعاً وكالدين يمنع وجوب الزكاة ولا يجب دفعه حتى تجب الزكاة إجماعاً، فكل ما يتوقف عليه الوجوب لا يجب تحصيله إجماعاً.
وإنما النزاع فيما يتوقف عليه إيقاع الواجب بعد تحقق الوجوب فقيل يجب لتوقف الواجب عليه، وقيل لا يجب لأن الأمر ما اقتضى إلا تحصيل المقصد، أما الوسيلة فلا، ولأنه إذا ترك المقصد كصلاة الجمعة أو الحج فإنه يعاقب عليه، أما المشي إلى الجمعة أو الحج فلم يدل على دليل على أنه يعاقب عليه مع عقابه على المقصد، وإذا لم يستحق عقاباً عليه لم يكن واجباً، لأن استحقاق العقاب من خصائص الوجوب، فمعنى قولنا مطلقاً، أي أطلق الوجوب فيه فيصير معنى الكلام الواجب المطلق إيجابه، ففرق بين قول السيد لعبده اصعد السطح، وبين قوله إذا نصب السلم اصعد السطح، فالأول: مطلق في إيجابه فهو موضع الخلاف، والثاني: مقيد في إيجابه فلا يجب تحصيل الشرط فيه إجماعاً.
وأما قولنا إذا كان مقدوراً فاحتراز عن المعجوز عنه، فإنه لا يجب بناءً على نفي التكليف بما لا يطاق وإن كنا نجوزه، ومن الشرط المعجوز عنها تعلق صفات الله تعالى بفعل العبد من المحال أن يصلي حتى يقدر الله تعالى له أن يصلي،