متباينة في العلو والدناءة والكثرة والقلة، هل يقتصر بذلك الحكم على أدنى المراتب لتحقق المسمى بجملته فيه أو يسلك طريق الاحتياط فيقصد في ذلك المعنى الكلي أعلى المراتب؟ هذا موضع الخلاف، ومثاله إذا قال رسول الله b «إذا ركعت فاطمئن راكعاً» فأمر بالطمأنينة، فهل يكتفى بأدنى رتبة تصدق فيه الطمأنينة، أو يقصد أعلاها؟ وكذلك قوله عليه

الصلاة والسلام «خللوا الشعر وأنقوا البشرة» يقتضي التدليك، هل يقتصر على أدنى رتبة التدليك أو أعلاها؟ فهذه صورة هذه القاعدة في الجزئيات في المحل لا في الأجزاء، ثم الفرق أن الجزء لا يستلزم الكل، والجزئي يستلزم الكلي، فلذلك أجزأ الثاني دون الأول؛ فأدنى رتب الموالاة موالاة، وليست الركعة ركعتين، ولا اليوم شهراً.

وعبارة القاضي صحيحة في قوله يقتضي على أوله، أي أول رتبة، فمن فهم أول أجزائه فقد غلط. وقوله: والزائد على ذلك إما مندوب أو ساقط، فالمندوب كزيادة الطمأنينة، والساقط كزيادة التدلك، فإن الشرع لم يندب لزيادة التدلك كما ندب لزيادة الطمأنينة، ووجب الاقتصار على أول الرتب جمعاً بين الدال على الوجوب، وأن الأصل براءة الذمة. كما أنه لو وجب عتق رقبة واقتصرنا على ما يسمى رقبة أجزأ وإن كانت أدنى الرقاب، ولا يجب علينا أن تعتق رقبة بألف دينار. فهذه صورة القاعدة ومدركها من حيث النظر.

الفصل السابع في وسيلته

وعندنا وعند جمهور العلماء ما لا يتم الواجب المطلق إلا به وهو مقدور للمكلف فهو واجب، لتوقف الواجب عليه، فالقيد الأول احتراز من أسباب الوجوب وشروطه وانتفاء موانعه، فإنها لا تجب إجماعاً مع التوقف عليها، وإنما الخلاف فيما تتوقف عليه الصحة بعد الوجوب، والقيد الثاني احترازاً من توقف فعل العبد بعد وجوبه على تعلق علم الله تعالى وإرادته وقدرته بإيجاده، ولا يجب على المكلف تحصيل ذلك إجماعاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015