وألغينا المصلحة، ولم نفعل ذلك في النهي اهتماماً بدرء المفاسد، ولأنا إذا قلنا يحمل النهي على التحريم أوجبنا الترك وهو على وفق الأصل؛ لأن الأصل عدم الفعل، وإذا حملنا الأمر على الوجوب قلنا بالفعل وهو على خلاف الأصل. فهذان فرقان عظيمان بين الأمر والنهي لمن خالف أصله في الأمر، أما من طرد أصله فلا يحتاج لهذين الفرقين، ثم استقراء النصوص بعد هذا الكتاب والسنة يحكم بين الفِرَق (?) .

الفصل الثالث في عوارضه

مذهب الباجي والإمام فخر الدين وجماعة من أصحابنا أنه إذا نسخ الوجوب يحتج به على الجواز لأنه من لوازمه، ومنع من ذك بعض الشافعية وبعض أصحابنا.

الجواز يطلق بتفسيرين أحدهما: جواز الإقدام كيف كان حتى يندرج تحته الوجوب وغيره، وثانيهما استواء الطرفين وهو المباح في اصطلاح المتأخرين، والأول لا شك أنه لازم للوجوب، والثاني ضده، فلا يكون لازماً له.

وظاهر كلام العلماء أنهم يريدونه، ووجه تقريره أنا نجعله لازماً من الأمر والناسخ، فالأمر دال على جواز الإقدام، والنسخ دال على جواز الإحجام؛ فيحصل مجموع الجوازين من الأمر وناسخه، غير أن مجموع الجوازين لا يتعين للإباحة بمعنى استواء الطرفين، بل يقبل الندب، وأيضاً فينبغي أن تكون الدعوى هكذا: إذا نسخ بقي إما للإباحة أو الندب من الأمر وناسخه لا من الأمر فقط.

ومن هذه المسألة أن يرد الأمر ثم يقول الآمر رفعت الوجوب عنكم فقط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015