أو علة، فإذا ورد الأمر بعد زوال ما علق الحظر عليه أفاد الإباحة عند جمهور أهل العلم، كقوله عليه الصلاة والسلام «كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث من أجل الرأفة، (?) فكلوا منها وادخروا» وكالآية المتقدمة وكذلك «فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض» (?) بعد قوله تعالى «وذروا البيع» (?) وتارة يرد غير معلل بعلة عارضة ولا معلق بشرط، فمذهب مالك وأصحابه أنه للإباحة ولذلك احتج على عدم لزوم الكتابة بقوله إنما ذلك توسعة من الله على عباده.

وقال أكثر أهل الأصول أنه يقتضي الوجوب، وأنه يحمل على ما كان يحمل عليه ابتداءً من وجوب أو ندب، إن قلنا إنه موضوع للندب، أو على الوقف إن قلنا بالوقف.

وحكى الإمام فخر الدين أن الحظر إذا ورد بعد الأمر هل يحمل على التحريم أم لا؟ قولان. وتقرير هذا الفصل أن الوجود والعدم مستويان بالنسبة إلى الفعل لأنه ممكن وكل ممكن يستوي الوجود والعدم بالنسبة إليه، والأمر يرجح جهة الوجود، والنهي يرجح جهة العدم؛ فالوجود والعدم بالنسبة إلى الفعل ككفتي الميزان، والأمر والنهي يرجحان، فإذا ورد الأمر ابتداءً ورد على استواء من الكفتين فيحصل به الرجحان في كفة الوجود، وإذا ورد بعد الحظر ورد بعد ترجيح كفة العدم بالنهي فيحص هو في الكفة الأخرى فيحصل التساوي فهذا هو الفرق بين حصول الأمر ابتداء وبعد الحظر عند من فرَّق، ومقتضي هذا الفرق أن يحمل النهي على الإباحة إذا ورد بعد الوجوب، فمنهم من طرد أصله في الفرق، ومنهم من ترك الفرق وفرَّق بين الأمر والنهي، فقال إن النهي يعتمد المفاسد والأمر يعتمد المصالح،

وعناية صاحب الشرع والعقلاء بدرء المفاسد أعظم من غايتهم بتحصيل المصالح، فلذلك راعينا هذا الفرق في الأمر وحملنا الأمر على الإباحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015