أمرتهمُ أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
وكان المأمور من هو أعظم منه في قومه، وقال عمرو بن العاص لمعاوية رضي الله عنهما:
أمرتك أمراً جازماً فعصيتني ... فأصبحت مسلوب الإمارة نادماً
ومعاوية أعلى منه؛ فدل على عدم اشتراط العلو.
وأما كوننا لا نسمي طلبنا من الله تعالى أمراً فللأدب، وكذلك مع الملك وغيرهم، ولا يلزم من ترك إطلاق اللفظ للأدب أن لا يكون لغة كذلك، كما أنا لا نسمي الله تعالى علامة ولا سبحيا وإن كانت المسميات بذلك موجودة، ولكن حصل المنع لأجل إيهام التأنيث في العلامة (?) وأن العطاء بالسبحية التي لا تكون إلى في جسم؛ فكذلك هنا.
ولا يشترط فيه إرادة المأمور به ولا إرادة الطلب خلافاً لأبي علي وأبي هاشم من المعتزلة؛ لنا أنها معنى خفي يتوقف العلم به على اللفظ فلو توقف اللفظ عليها لزم الدور.
الخلاف بين أهل السنة والمعتزلة في الإرادة ثلاثة مواطن: أحدها أنه هل يشترط إرادة استعمال اللفظ في الوجوب أم لا؟ فقالوا صيغة الأمر تستعمل في خمسة عشر محملاً. منها الوجوب، والندب، والتهديد، والتخيير، وغير ذلك، فلا يتعين الوجوب إلا بالإرادة. وأجيبوا بأنها موضوعة للوجوب، فينصرف للوجوب بمجرد الوضع كسائر الألفاظ، والمحتاج للنية إنما هو المجاز.
وثانيها: إرادة المأمور به فعندهم لا يأمر الله تعالى إلا بما يريد وعندنا ليس بين الأمر والإرادة ملازمة بل يأمر بما يريد في حق الطائع وربما لا يريد في حق