«ثم كان من الذين آمنوا» (?) فرتبة الإيمان متراخية في العلو والشرف عن رتبة الإطعام والإعتاق المتقدمتين عليه فلذلك دخلت ثم، وكذلك قوله تعالى «ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم» (?) فإن السجود وإن وقع أولاً لكن رتبته كانت أشرف فرتبته متراخية. وكذلك قول الشاعر
إن من ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده
ما بعد ثم هو قبل، غير أن المقصود هو التراخي في الرتب، فيقصد أن أباه كان أعظم رتبة منه، وجده كان أعظم رتبة من أبيه، فهذا المحسن للفظ ثُم.
وحتى وإلى للغاية:
نحو بعتك من هذه الشجرة إلى هذه الشجرة، أو سرت حتى دخلت مكة. واختلف العلماء في ابتداء الغاية وانتهائها هل يندرجان في المغيا أم لا؟ على أربعة أقوال: ثالثها الفرق بين أن تكون الغاية من الجنس فتندرج أم لا فلا تندرج؛ فإن كان المبيع رماناً والشجرتان رمانتان اندرجتا، وإلا فلا. الرابع: الفرق بين أن يكون الفصل بينهما أمراً حسياً كما في قوله تبارك وتعالى: «ثم أتموا الصيام إلى الليل» (?) فلا يندرج لأن الظلام متميز عن النهار بالبصر، أو لا فيندرج كما في قوله تعالى «وأيديكم إلى المرافق» (?) هذه الأربعة أنقلها في انتهاء الغاية، وأما ابتداؤها فلا أنقل فيه إلى قولين.
فائدة: المغيا لا بد أن يتكرر قبل الغاية بعد ثبوته، فإذا قلت سرت إلى مكة من مصر، فلا بد أن تثبت حقيقة لسير قبل مكة ويتكرر قبلها، أما ما لا يتكرر فلا تتصور فيه الغاية، فلذلك قال بعض علماء الحنفية أن العامل في قوله تعالى: