قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام؛ لما رواه محمد بن جرير رحمه الله تعالى حيث قال: حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان حدثني عبد الأعلى -هو ابن عامر الثعلبي - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار)، وهكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طرق عن سفيان الثوري به، ورواه أبو داود عن مسدد عن أبي عوانة عن عبد الأعلى به مرفوعاً، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وهكذا رواه ابن جرير أيضاً عن يحيى بن طلحة اليربوعي عن شريك عن عبد الأعلى به مرفوعاً، ولكن رواه عن محمد بن حميد عن الحكم بن بشير عن عمرو بن قيس الملائي عن عبد الأعلى عن سعيد عن ابن عباس فوقفه، وعن محمد بن حميد عن جرير عن ليث عن بكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من قوله.
فالله أعلم].
قوله: (من قوله) يعني: من كلامه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال ابن جرير: أنبأنا العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا حبان بن هلال حدثنا سهيل أخو حزم حدثنا أبو عمران الجوني عن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ)، وقد روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي حزم القطعي، وقال الترمذي: غريب.
وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل، وفي لفظ لهم: (من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ) أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرماً ممن أخطأ، والله اعلم.
وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور:13]، فالقاذف كاذب ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم].
يعني أن من سلك الطريق غير المشروع فهو مخطئ حتى ولو أصاب الحق، فالذي يتكلم عن جهل مخطئ ومتوعد بالوعيد ولو وافق الحق، وكذلك من فسر القرآن برأيه فهو متوعد بالوعيد ولو أصاب.