وثالثها: أن الفك الأسفل ليس وراءه من الفضول المحوجة إلى خلل ما يتحلل منه كما في الفك الأعلى فتكون حاجته إلى المفاصل أقل.
ورابعها: أن الفك الأسفل احتيج فيه إلى زيادة الخفة لأجل دوام حركته، وإنما يكون كذلك إذا كان جرمه رقيقاً جداً متخلخلاً فلو كثرت مفاصله لتهيأ للانكسار بسهولة.
قوله: ماراً تحت الحاجب. يريد أن هذا الدرز يكون تحته إذا كان الإنسان مضطجعاً ومنفعة هذا الدرز وصل عظام الفك الأعلى بعظم الجبهة وإنما لم يجعلا عظماً واحداً للمنافع المذكورة، وجعل مستقيماً ليكون أقصر فيكون ما يوهنه من التركيب أقل، والأبخرة الدخانية تنحل من هذا الدرز كثيراً لأنه في مقدم الدماغ حيث تكثر الفضول وأبخرتها. ولذلك يتكون عليه شعر الحاجب. وكلما كان خلله أو سع كان هذا الشعر أكثر. ولذلك إذا يبست العظام في سن الشيخوخة اتسع هذا الدرز فطال هذا الشعر.
قوله: ومن الجانبين درز يأتي من ناحية الأذن مشتركاً بينه وبين العظم الوتدي الذي هو وراء الأضراس.
قد ذكرنا أو لاً أن الدرز الآتي من الدرز اللامي إذا انتهى إلى طرف الإكليلي وذلك عند الموضعين العميقين اللذين في الصدغين رجع منحدراً، وإذا انحدر ذلك كان من ذلك درز مشترك بين العظم الوتدي وبين الفك الأعلى.
وهو هذا الدرز الذي ذكره الآن، وجعله محدداً للفك الأعلى من الجانبين.
قال جالينوس: ويبلغ هذا الدرز في انحداره إلى قاصي الأسنان وينتهي إلى باطن الحنك، ويلتقي طرفاه هناك.
قوله: ثم الطرف الأخير وهو منتهاه، يريد ثم الطرف الآخر، من الفك الأعلى، وهو الطرف الذي من داخل، وهو منتهى هذا الفك الداخل من جانب الداخل.
قوله: أعني أنه يميل ثانياً إلى الأنسي معناه أن هذا الطرف الباطن يميل إلى الأنسي فيكون الدرز المشترك بين ذلك المنتهى وبين العظم الوتدي مائلاً أيضاً إلى الأنسي.
قوله: فيكون درز يفرق بين هذا وبين الدرز الذي نذكره، وهو الذي يقطع أعلى الحنك طولاً معناه أنه يتحقق حينئذٍ درز يفرق بين الدرز الذي تقدم ذكره، وهو المنحدر إلى وراء الأضراس، وبين الدرز الذي يقطع أعلى الحنك طولاً.
ومعنى كونه يفرق بين هذين الدرزين أنه يقع بينهما فيكون كالفرق بينهما. ويريد أن ابتداءه كذلك، وأما آخره فينتهي عند ذلك الدرز أعني الذي يقطع أعلى الحنك طولاً لأنه يلاقي الطرف الآخر هناك. والفائدة في هذين الدرزين شدة اتصال عظام الفك الأعلى بالعظم الوتدي ز هو شديد الاتصال بالجدران بسبب الدروز التي تقدم ذكرها ويلزم ذلك أن يكون هذا التركيب محكماً ولأجل ذلك لم يقتصر على أحد هذين الدرزين وذلك ليكون ارتباط عظم الفك الأعلى بالعظم الوتدي بسطحه الظاهر والباطن معاً، فلو فسد أحدهما قام الآخر مقامه.
قوله: فمن ذلك درز يقطع أعلى الحنك طولاً، ودرز يبتدئ ما بين الحاجبين إلى محاذاة ما بين الثنيتين وربما قيل: إن هذين درز واحد. لأن الذي يقطع أعلى الحنك طولاً هوا لذي في وسط عرض أعلى الحنك ويلزم ذلك أن يكون هو الدرز الآخر.
وجوابه: أنه ليس كذلك لأن القاطع لأعلى الحنك هو في السطح الباطن والآخر في السطح الظاهر. وفائدة هذين الدرزين وباقي الدروز التي تحت الأنف هو تكثير طرق تحلل الفضول لأن تكثر في هذا الموضع إذ هو مصب فضول الدماغ من الأنف والحنك. وإنما كانت بهذه الصفة لأنها يجب أن تكون عند أعلى الأنف مجتمعة، إذ هناك يكثر اندفاع الفضول. ويجب أن تكون فيما هو أسفل من ذلك متفرقة لتعم المواضع التي يمكن وصول ما سال من فوق إليها. ويجب أن تزداد تفرقاً كلما ازدادت بعداً. وإنما يكون كذلك إذا كانت بالصفة المذكورة في الكتاب.
وفائدة الدرز المعترض عند قاعدة المنخرين أن تخل منه ما سال من تلك الفضول إلى ما بين ضلعي المنكبين أعني الضلعين الجنبيين ولنقل الآن على وجوب أن تكون الزوايا التي في المثلثين والتي في العظم الوتدي الذي تحتهما على ما في الكتاب.
أما المثلثان فكل واحد منهما فيه زاوية قائمة وهي التي يوترها الضلع الجنبي منه. وذلك لأن قاعدتي المثلثين متساويان فكل واحد منهما مع الضلع الوسطى كنظيرتها مع ذلك الضلع.