قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً} [الجمعة:2] ، فبعد تسبيح الله جاء تكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يقدر على ذلك إلا الله تعالى؛ لأنه جعل من الأمي رسولاً إلى الأميين، وهم العرب؛ ولكن ما بعث في الأميين للأميين، وإنما بعث في الأميين للعالمين.
فبعث فيهم من جنسهم، ولكن للناس كافة، فقال تعالى: {رَسُولاً مِنْهُمْ} [الجمعة:2] ، فهو أمّي ورسول، ومهمته هي كما قال تعالى: {يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2] ، فهذا أمّي في أمة أمية يصبح معلماً للكتاب، ويزكي الأمة، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويخرجهم من الضلال إلى الهداية، أليست هذه معجزة؟ بلى إنها معجزة.
فلو جيء بفيلسوف عبقري إلى جماعة يعلمهم ويرشدهم، لقيل: هذه فلسفة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسم لم يقرأ ولم يكتب، لكن كل علوم الدنيا أنزلت عليه في الكتاب الذي ما فرط الله فيه من شيء ليعلمهم الكتاب، ويعلمهم الحكمة، ويزكيهم مما كانوا عليه {وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:2] .