قال المصنف رحمه الله: [وعن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين) ، رواه مسلم] .
تقدم عن أم هشام قولها: (ما أخذت سورة (ق) إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كان يخطب بها الناس على أعواد منبره يوم الجمعة) قالوا: إن (كان) تدل على الدوام والاستمرار، فقال بعض العلماء: كان يقرأ دائماً، وأشرنا إلى أن هذا ليس بلازم، فحيناً يقرأ بها وحيناً يقرأ بغيرها، فمن شاء قرأها ومن شاء قرأ بعضها، ومن شاء قرأ غيرها من السور.
وهنا يأتينا المؤلف رحمه الله بحديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة وسورة المنافقون، وسيأتينا حديث آخر فيه أنه كان يقرأ (سبح اسم ربك الأعلى) و (هل أتاك) ، فليس هناك ملازمة ولا مداومة ولا تعيين لسورة بعينها، ويكون ذلك من باب الأكثرية، فأكثر ما كان يقرأ صلى الله عليه وسلم في صلاة الجمعة بهذه السور، ولهذا أخذت عن لسانه على المنبر، وحفظ عند الصحابة رضي الله عنهم.
وقد أشرنا أن سورة (ق) اشتملت من أدلة البعث على ثلاثة من أربعة، وهنا أيضاً يتكلم العلماء عن مناسبة سورة الجمعة -وهي باسم اليوم- وعن مناسبة سورة المنافقون، فيقولون: قراءة سورة الجمعة تعزيز وتدعيم وتهييج وتقوية وإثارة للمؤمنين بما فيها من توجيهات، وحث على الجمعة والمحافظة عليها، وتعريض باليهود، وسورة المنافقون خاصة بهم، ففيها تحذير وكشف عن حقائقهم، وكشف مواقفهم، ولهذا نحب أن نلم بالسورتين إلماماً سريعاً كما ألممنا بمقدمة سورة (ق) .