قوله: (وقد علا صوته) صوت الإنسان مهما علا له حدود، فاتخاذ مكبرات الصوت ليعلو الصوت تابعٌ لهذا، وإلا فيحتاج إلى تأمل! فإن كان في حدود صوت المتكلم فهذا مطلوب، ولا مانع من ذلك، وله أصلٌ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء في مرضه الأخير وجلس على يسار أبي بكر كان يصلي، ولما لم يكن صوت النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الناس كان أبو بكر يرفع صوته مبلغاً عن رسول الله.
ومن هنا اتخذ المبلغ، وسميت المبلغة أو المكبر في المسجد النبوي بذلك؛ لأن المبلغ يصعد عليها ويكبر تكبيرات الانتقال ليتابع المأموم حركات الإمام في صلاته.
وكان في المسجد النبوي مكبرتان وكانت الثانية في مؤخرته، وتستعمل المكبرتان وقت الموسم إذا كثر الناس، فإذا سمع من في المكبرة المتأخرة صوت المكبر في المقدمة يبلغ الناس عن الإمام، وكان العلماء رحمهم الله في دروسهم إذا كبرت الحلقة يتخذون مبلغين، فيقف شخص في الوسط من هنا ومن هنا ومن هناك، والشيخ أو العالم يقرأ الحديث، والذين حوله يأخذون منه مشافهة ويكتبون أو يسمعون، والمبلغون يعيدون لفظ الحديث لمن وراءهم فيأخذون الحديث بواسطة المبلغ.