قال المصنف رحمه الله: [وعن خالد بن معدان رضي الله عنه قال: (فضلت سورة الحج بسجدتين) رواه أبو داود في المراسيل] .
يأتي المؤلف بهذا الحديث أيضاً، وفيه أن سورة الحج فضلت بوجود سجدتين فيها، وهنا مسألة: هل يقال في سور القرآن وآياته: هذه السورة أفضل من تلك؟ اختلف العلماء في هذه المسألة، فبعضهم يقول: لا نفضل؛ لأن كله كلام الله.
وبعضهم يقول: قد تختص هذه السورة بما لا تختص به تلك، وهذا كلام معقول، فمثلاً: آية الكرسي قالوا: هي أفضل آية في كتاب الله، لأنها تختص بصفات الله كما تقدم في الذكر بعد الصلاة، وكذلك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] تختص بخصائص؛ لأنها محض صفات لله سبحانه، وهكذا الفاتحة تختص بأنها أم الكتاب؛ لأنها جمعت علوم القرآن كله، والقرآن جمع علوم الكتب قبله، فالفاتحة جمعت كل كتاب منزل من السماء.
ويقول بعضهم: لا مانع أن يقال: الكل فاضل، وهناك أفضل، فليس هناك ناقص بل الكل فاضل، فكما تفاضلت الرسل كذلك تتفاضل السور، وكذلك تتفاضل الآيات، ومما فضلت به -أي: خصت به- سورة الحج أن فيها سجدتين، فلا يوجد سورة تجمع سجدتين إلا سورة الحج، وقد أتى بهذا المؤلف؛ لأن هناك خلافاً في السجدة الثانية من سجدتي سورة الحج، فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يعتبرها إلا إذا قرأ بها في الصلاة، أما خارج الصلاة فلا يعتبرها سجدة.
إذاً: المؤلف رحمه الله يسوق لنا مواضع الاختلاف في سجود التلاوة.