يقول صلى الله عليه وسلم: (إذا تشهد أحدكم) ، جاء هذا مطلقاً، ثم جاءت الرواية الثانية: (إذا فرغ من التشهد الأخير) ، والمؤلف رحمه الله جاء بقيد التشهد الأخير؛ لأن بعض العلماء من غير الأئمة الأربعة يرى الاستعاذة من تلك الأربع في التشهدين الأول والأخير، ولكن الذي عليه الجمهور: أن المطلق يحمل على المقيد، عندنا تشهدان، وهذا مطلق، ولكن جاء القيد في التشهد الأخير، إذاً: محل الاستعاذة من تلك الأمور إنما هو في التشهد الأخير، وأيضاً القيد الثاني: (إذا فرغ من التشهد) ، وبعض العلماء يرى أن قوله: (إذا فرغ من التشهد فليقل أو فليستعذ) قيد أيضاً فيما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: (ثم ليتخير من المسألة أعجبه) قالوا: يتخير بعد الاستعاذة؛ والاستعاذة محلها إذا فرغ من التشهد، وعلى هذا الترتيب إذا فرغ من التشهد يستعيذ بالله منها، ثم يتخير من المسألة ما شاء، وأشرنا بأن مجيء عموم: (يتخير من المسألة ما شاء) يترك للإنسان الاختيار، ولكن اختيار المسلم مرتبط ومشروط لما اختاره له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به) ، وهواه بمعنى اختيار رغباته تبعاً لما جئت به؛ فكأن الاستعاذة بالله من تلك الأمور توجيه لأن يكون مجال استعاذته، وسؤاله، واختياره يدور في فلك مصلحة الدين والدنيا والآخرة، ولا ينزل إلى مستوى لا يليق بأمر الصلاة.