قال رحمه الله: [وعن سبرة بن معبد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم) أخرجه الحاكم] .
قوله: (ليستتر أحدكم في الصلاة) ليس معناه: أن يتخفى عن الأنظار؛ لأنه قال: ولو بسهم، والسهم لا يخفي الإنسان عن الأنظار، فالمعنى أن يتخذ سترة، (ولو بسهم) ، والسهم ليس كبيراً، وليس متيناً كمؤخرة الرحل، فالغرض من ذلك ما يشعر المار بحرمة المصلي ولو بسهم يغرسه أمامه، وكانت تغرس الحربة أو العنزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والحربة والعنزة متقاربان، إلا أن الحربة هي أداة قتال وهي أَحَدّ، والعنزة أداة اتكاء يتوكأ عليها.
وقوله: (ليستتر) من صيغ الأوامر، فإن الفعل المضارع مع لام الأمر صيغة من صيغ الأوامر، ومن هنا أخذ من أخذ أن السترة للمصلي واجبة، ويتعين على كل مصل أن يصلي إلى سترة، فإذا خالف هذا الأمر فكأنه خالف في الطهارة، أو خالف في ستر العورة، أو خالف في استقبال القبلة، ويحكم على صلاته بالبطلان، ولكن من فقه المؤلف رحمه الله أن أعقب ذلك بحديث: (لا يقطع صلاة المرء شيء) ، وهذا يدل على أن السترة ليست بشرط.