توسع بعض العلماء في هذا الحديث، كـ ابن دقيق العيد في كتابه المخطوط الذي أشرنا إليه، وذكر هل يقاس الكلب على الهرة بعلة الطوافين والطوافات؟ يحكي بعضهم عن بعض المالكية أن كلب البادية بالنسبة إلى أهل البوادي من الطوافين والطوافات، فيقيس هذا الكلب على الهرة، ولكن النص جاء في عموم الكلاب، ولم يفرق بين كلب أعراب وكلب حضر، ولا كلب بوادي وكلب حواضر.
وبعض المالكية يخصص الكلب المأذون في اقتنائه، وهو كلب الصيد والحراسة والماشية، ولكن الجمهور لم يلتفتوا إلى ذلك، وقالوا: نحتاج إلى معرفة تاريخ الترخيص في اقتناء الكلب، وتاريخ حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب، ولا نجد دليلاً يبين المتقدم من المتأخر؛ حتى يكون التخصيص من المتأخر للمتقدم، إذاً: نأخذ بعموم اللفظ: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب) ، و (أل) هنا للاستغراق، وليست عهدية، وعلى هذا يكون حديث الهرة تابعاً لمباحث المياه؛ لأنه من الملابسات الموجودة.
وهنا مسألة: وهي أن البيوت في الأرياف يوجد فيها حيوانات غير الهرة من الطوافين والطوافات، فحكمها حكم الهرة، ومأكول اللحم لا يدخل في هذا الباب، فإنه طاهر حتى بوله، مثل الأرانب والغنم والدجاج.
فمن الحيوانات التي تلحق بالهرة: الفئران، وابن عرس، وبعض الناس يسمونه: (العرس) ، وهو حيوان أكبر من اليربوع ومن الفأر، وأصغر من الهرة، ويقولون: ليس فيه عظام، ولو ضربته بحديدة فإنه لا يموت، لكن لو ضربته بعرجون النخلة فإنه يموت، فهذه حيوانات تعيش في بعض الأرياف أو في البيوت العادية، فإذا شربت من ماء في البيت مكشوف، فهل سؤر تلك الحيوانات طاهر أو نجس؟ بعلة الطوافين والطوافات يكون الماء طاهراً، وهذا مما يلحق بالهرة بالقياس؛ بجامع علة الطواف، والله تعالى أعلم.