[ (ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره) ] .
دائماً وأبداً الأجير في حالة ضعف مع المستأجر، فهو يأتي ويعمل مستوثقاً من المستأجر في دفع الأجرة، فعمل وانتهى وقت العمل واستوفى المستأجر العمل، أعطني الأجرة.
قال: ليس الآن ليس الآن ليس الآن إلى أن تذهب الأجرة، استوفى حقه في العمل ولم يعطه أجره، فهذا المسكين الضعيف ماذا يصنع؟ هو أجير، والعادة فيه أنه ضعيف، فأنت استغللت ضعف قوته وشخصيته، وهو استعان عليك بالله، فتكون الخصومة بينك وبين الله سبحانه وتعالى في حق هذا الأجير.
ونذكر هنا القصة المشهورة في النفر الثلاثة من بني إسرائيل الذين آواهم المبيت إلى الغار، ونزلت عليهم الصخرة وسدت فم الغار، قالوا: الآن لا أحد يعلم بنا -لم يكن هناك لاسلكي ولا (البيجر) ولا اتصالات، أنتم الآن في قبركم أحياء، لا يعلم بكم إلا الله، ولن ينجيكم منه إلا الله -هنا الشدة تمحص الحق- وليس لنا إلا أن نستشفع الله، ونتوسل إليه بصالح أعمالنا أن يكشف عنا.
والقصة طويلة فواحد توسل ببر الوالدين، وواحد توسل بالتعفف عن الزنا، وقال الثالث: (اللهم إنه كان لي أجير، فأعطيته أجره صاعاً من شعير فاستقله وذهب وتركه، فأخذته وبعته، واشتريت عناقاً ونميته له حتى صار مالاً في الوادي، فجاءني بعد زمن وقال: أتعرفني؟ قلت: نعم، أنت الأجير فلان.
قال: أعطني أجري.
قال: قلت: اذهب إلى الوادي وانظر ما فيه من بهيمة الأنعام فخذه، فهو أجرك.
قال: أتهزأ بي لأني مسكين؟! قال: لا -والله- إنه أجرك نميته لك حتى صار كذلك.
فذهب فأخذ جميع ما وجد، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانكشفت عنهم الصخرة جزءاً) ، وهكذا مع كل واحد توسل بصالح عمله تنكشف الصخرة جزءاً حتى انكشفت وخرجوا يمشون على وجه الأرض.
فهذا هو حسن معاملة الأجير، والله سبحانه وتعالى جعل لذلك معلماً: (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) ، تنزاح الصخرة بذاتها، هم الثلاثة لم يقدروا على زعزعتها، لكن انزاحت لما توجهوا إلى الله بصالح أعمالهم.
إذاً: هؤلاء الثلاثة لهم حقهم، وواجب على الإنسان أن يعنى به، وإذا ما فرط فيه كان الله خصمه يوم القيامة.
نسأل الله السلامة والعافية.