بيع الحر يقال: إنه كان موجوداً عند بعض القبائل: كان يباع أبناء الرجل في الدين عليه إذا عجز عن سداده، وهو موجود في القانون اليوناني والروماني: إذا بيعت المزرعة بيع معها الغلمان، وإذا استدان الرجل وعجز عن سداد الدين بيع هو أو أولاده في سداد الدين، وكان في بعض القبائل كذلك.
وقد يحتال بعض الناس فيما بينهم على أن يبيع أحدهما الآخر، ويأخذون الثمن، ثم يهرب العبد، وجاء في بعض الأسفار عن نعيم، وكان مضحكاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صهيب مسئولاً عن الغذاء والتموين، فذهب وقال له: أعطني؛ أنا جائع.
قال: اصبر حتى يأتي الجميع.
قال: أعطني.
فقال له: لا.
قال: فتوعده، فعندما نزلوا بمنزلة ومرت قافلة من التجار ونزلوا قريباً منهم، أتاهم وقال: لدي عبد أتعبني، وكلما بعته هرب على المشتري ويقول: أنا حر أنا حر! ويفسد علي البيعة، وأريد أن أبيعه هذا المرة آخر بيعة، هل تريدون شراءه ولا تسمعون كلامه، وتقيدونه وتريحوني منه.
قالوا: قبلنا، بكم؟ قال: بنصف القيمة.
فباعه وقال لهم: أنا سأريكم إياه من بعيد، وخذوا معكم الحبل، فإذا أتيتموه سيقول لكم: أنا حر أنا حر.
فاصنعوا به ما شئتم، ولو هرب أو رجع فلن أرد لكم الثمن.
فذهبوا ومعهم الحبل، وقيدوه فصاح: أنا لست عبداً أنا حر.
قالوا: نحن نعلم هذا! وأبو بكر رضي الله تعالى عنه كان غائباً، ثم جاء يسأل: أين فلان؟ قالوا: باعه فلان.
قال: كيف بعته؟ قال: أطلب منه الأكل فلا يعطني.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يتسامح معه لأنه كان يتفكه به، فسأله: بكم بعته؟ قال: بعته بكذا.
قال: أعطني المال، فأخذ منه المال وذهب إلى هؤلاء النفر فقال لهم: هذا الرجل الذي باعه لكم إنما هو عيار يمزح، وهذا هو أخونا وهو صاحب رسول الله.
فتركوه ومضى به.
(ورجل باع حراً) لماذا يكون الله خصمه؟ لماذا لا يكون الشخص بنفسه ويطالب بحقه؟ لأن العبودية حكم من الله، والحرية حق الله أعطاه للعباد، ولا تأتي العبودية إلا في أرض المعركة عقب قتال المشركين للمسلمين، فيؤخذ باسم الدين.