هل يجوز أن تشترط المرأة عند الزواج بها -وليس بعد الزواج- على الزوج ألَّا تكون له زوجة حاضرة، وألَّا يتزوج عليها بعد أن يتزوجها؟ بعضهم يقول: هذا شرط باطل؛ لأنه حرَّم حلالاً، فهي تقول: واحدة فقط، والله يقول: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1] .
وبهذه المناسبة أذكر أن والدنا الشيخ الأمين رحمة الله تعالى علينا وعليه عندما سافر إلى أفريقيا، ودخل موريتانيا ونزل في مدينة يقال لها: أبو تلميد، وهذه المدينة مدينة علمية، فيها معهد علمي، وجميع الأسر تطلب العلم، تقريباً الصغير والكبير فيهم طالب علم، والشيخ رحمه الله كان في العادة عندما يأتي بلدة يلقي محاضرة في برحة البلد، وإذا كانت هناك أسئلة أو كان هناك شيء فحسب العادة، وكان الذي يدير الندوة أو الحديث عالم أديب شاعر يقال له: أبو مدين، فسأل الشيخ: ما حكم هذا الشرط الشائع عندنا، لا سابقةً ولا لاحقةً، وما قيمة هذا الاشتراط على الزوج؟ فقال رحمه الله: هذا من حقها، وليس شرطاً أحلَّ حراماً، ولا حرَّم حلالاً؛ لأن الزوجة تقول للزوج: أنا وأنت نعلم قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1] ، وأنا لا أمنعك من ذلك؛ ولكن أنا أريد لنفسي الانفراد بزوج، ونحن لا زلنا على البر، إن قبلت هذا -أي: تنازلتَ عن حقك في {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1]- فتزوجني، وإن لم تقبل فاذهب واطلب غيري، وأنا لا أمنعك، ولا أحرم عليك.
إذاً: هذا الشرط لا يحرم حلالاً، فإنما تختار لنفسك، وأنت بالخيار، إن شئتَ قبلت هذا وتركت حقك فيه؛ لأن {مَثْنَى وَثُلاثَ.
} [فاطر:1] ليس بواجب، إنما هو من باب الجائز.
وقد تشترط المرأةُ: السكنى المعينة، أو عدم المضارة، أو عدم مجاورة أهلها، أو عدم السفر بها، وهذه كلها من الشروط التي يجب الوفاء بها، فإنها لم تحل حراماً ولا حرَّمت حلالاً، ولم تدخل ضرراً على أحد الطرفين.