وقوله: (إلا صلحاً حرَّم حلالاً أو أحلَّ حراماً) هذه قاعدة يدخل تحتها كثير من الصور.
إذا تنازعوا على شيء، وقال أحدهما: أصالحك على هذه الأرض بشرط أن تعطيني كذا من الأشياء المحرمة، أو أن تؤمِّن لي كذا من الأشياء المحرمة، يعني: يكون الصلح على شيء يحرم اقتناؤه أو محرم بيعه، وطلب أن يصالَح به، فهذا الصلح لا يحل هذا الحرام، ولا يجوز له أن يأخذه في هذا الصلح.
فإذا اصطلحوا عليه فهو حرام، وهذا الصلح أدى إلى استباحة الحرام.
كما لو جاءه وصالحه على أن يعيره جاريةً وقال: أستمتع بها مدة إعارتها.
هذا لا يجوز؛ لأنه صالحه على شيء محرم، والاستمتاع بالجارية لا يجوز إلا بملك يمين أو بعقد نكاح.
فأي شيء أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالاً، مهما كانت الصور التي تتفرع تحت هذه القاعدة فإن الصلح لا يحلها.
مثلاً: امرأة ادعى رجل أنها زوجته في سفر، أو في غربة، ومسك يدها وقال: تعالي! - ماذا بك؟ - أنتِ زوجتي.
- زوجتك؟! ثم صالَحها على أن تقر له بالزوجية، فهل هذا الصلح جائز؟ لا؛ لأنه يحلُّ حراماً.
إذاً: الصور في هذه القاعدة عديدة، ولا نطيل الوقت فيها.