هذا الحديث ينازع فيه كثير من العلماء، فهي قالت: يا رسول الله! أنا أريد الحج ولكني شاكية مريضة، لا أدري ماذا أصنع وما يطرأ علي في الطريق هل أبلغ المناسك أم لا؟ فقال لها: حجي -يعني: وأنت على حالتك- واشترطي على ربك.
لبيك اللهم حجاً! اللهم إن محَلي -أو محِلي: أي: موضع إحلالي- حيث حبستني، فأسندت الأمر إلى الله، إذا حبسها بالمرض الذي هي شاكية منه، أو حبسها بأي حابس آخر؛ لأن كل شيء مرده إلى الله سبحانه وتعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان:30] .
قوله صلى الله عليه وسلم: (واشترطي) .
وهنا يقول بعض العلماء هذا الاشتراط كان خاصاً بهذه المرأة، والاشتراط لا يسقط شيئاً، وإذا ما أحصر هذا المشترط وتحلل فعليه هدي كغيره، وإذا لم يجد هدياً فصيام ثلاثة أيام في مكانه، وسبعة إذا رجع إلى أهله.
قال الجمهور: إذن: ما فائدة الاشتراط إذا كان لا يعفيه من الهدي؟ وما فائدة الاشتراط إذا كان لا يستفيد منه في أن يتحلل مكانه؟ وهنا جاء التعميم سواء كان الإحصار بمرض أو بعدو: (محلي حيث حبستني) .
وفي عموم الحبس والإحصار رد على من يقول: لا إحصار إلا في العدو، ومن الإحصار -كما ينص مالك -: من كُسِر أو عُرج.
إلخ.
إذاً: الاشتراط في النسك عمرة كان أو حجاً يساعد المحرم أو الناسك في إعفائه من الهدي إن تحلل، وفي جواز وإمكان تحلله في مكانه، وليس بلازم أن يبقى محرماً حتى يتعافى ويأتي إلى مكة ويتحلل بطواف وسعي بعمرة.
وهنا أعتقد أنه يلزم كل إنسان أراد الحج أو العمرة -وخاصة مع حوادث السيارات عافانا الله وإياكم جميعاً أو الإخوان الذين يحاولون التحايل على المرور في التصاريح وعدم التصاريح- أن يشترط بقوله: (محلي حيث حبستني) ، إن فسح له الطريق ومضى فالحمد لله، إن سلم بسيارته ونفسه ومضى فالحمد لله كثيراً، وإن قدر عليه شيء، وردته السلطة من الطريق (فمحلي حيث حبستني) وإن حصل هناك -لا قدر الله- من حوادث السيارات، أو تعطلت السيارة حتى فاته الحج: فمحلي حيث حبستني.
فيستفيد الإنسان من هذا الاشتراط -على قول الجمهور- أنه يسقط عنه الهدي، ويبيح له التحلل في مكانه، ولا ينتظر حتى يذهب السبب ويمضي إلى مكة فيتحلل من إحرامه بالحج بعمل العمرة، وينتقل من نسك إلى نسك، ويبقى الحج إن كان فرضاً فيكون باقٍ عليه، وإن كان نافلة فعلى الخلاف المتقدم: هل يلزمه القضاء أو لا يلزمه?! هذا ما يتعلق بموضوع الشرط.