قال رحمه الله: [وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه) متفق عليه واللفظ لـ مسلم، وزاد في رواية: (في رمضان) ] .
المناسبة بين هذا الحديث والذي قبله، أنه لما نهى عن قول الزور والعمل به والجهالة ربما يظن بعض الناس بأن ملاطفة، ومداعبة الزوجة من هذا الباب، ويجب أن يترك، فجاء المؤلف بهذا الحديث ليبحث حكم ملاطفة الزوجة بصفة عامة، والملاطفة لا حد لها، ما دامت بعيدة عن علبة اللؤلؤ كما يقولون.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان وهو معتكف يقدم رأسه لـ عائشة، سريره في الروضة ورأسه في البيت، وتمشط شعره وتدهنه، وهذا العمل من أحسن المداعبة أو المؤانسة للزوجة، ويعجبها أن تجد فرصة مع زوجها بهذه الحالة.
نأتي إلى حكم التقبيل، عن عائشة قالت: (كان صلى الله عليه وسلم يقبل بعض زوجاته وهو صائم) وضحكت، وما الذي يضحكك؟ كأنه من حلاوة النسبة إليها هي؛ لأن الحدث كان معها هي، وما كان أحد يراه يقبل زوجاته في بيوتهن، إذاً: أخبرت بما وقع معها، وكونه صائماً ويقبلها هذا معناه زيادة معزة ومحبة لها، لكن أم المؤمنين حكيمة، ما قالت: كان يقبل؛ لكي تتأسوا به، وتذهبون تقبلون ثم تزل قدم أحدكم، لا، بل نبهت بقولها: (وأيكم أملك لإربه) ، والإرب الحاجة، وهي في هذا المقام معلومة، فكأنها تبين المشروع، وتنبه عن المحظور.