قوله عليه الصلاة والسلام: (اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى) ، أعتقد أن هذا ليس قاصراً على الصدقة بالمال، والغني والفقير، بل يؤجر كل من أسدى لإنسانٍ حاجة، فلو كانت لشخص حاجة في جهة من الجهات، أو عند إنسان من الناس، فذهبت وقضيت له حاجته، فممكن أن يدخل ذلك في قوله: (اليد العليا خير من اليد السفلى) ، ويكون في ذلك أجر وفضل لمن أسدى لأخيه معروفاً، وأصبح له يدٌ عنده.
كما في قصة المغيرة بن شعبة وهم تحت الشجرة في الحديبية الرضوان عندما كتبت الصحيفة، ولما جاء أحد المشركين يفاوض، أخذ بيده لحية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان المغيرة بن شعبة واقفاً على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كف يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ألاَّ ترجع إليك! وكان السيف في يده.
فقال: من هذا يا محمد؟! قال: هذا فلان.
قال: يا غدر! ما غسلت غدرتك إلا بالأمس، ثم قال الرجل: يا محمد! ما أظن أن هؤلاء يثبتون معك، ما أظنهم إلا ينفضّون عنك، فقال له أبو بكر: امصص بظر اللات! أنحن ننفضُّ عن رسول الله؟ قال: من هذا يا محمد؟! فقال: هذا أبو بكر قال: لولا يد لك عندي، لرددتها عليك، ولكن هذه بتلك، يعني: أن أبا بكر سبق أن عمل له معروفاً، حتى صارت له يد عليه، أي: منة ونعمة.
وهكذا اليد العليا في كل شيء يحتاجه الإنسان، ويتقدم إليه الآخر بقضائها، سواء منه شخصياً أو عن طريقه، فهي يدٌ عليا على من أنعم عليه بذلك المعروف.