والجانب الثاني: طعمة للمساكين في يوم العيد كما سيأتي (أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم) .
هذا معنى زكاة الفطر: أي الفطر من رمضان.
وسميت زكاة الفطرة، والفطرة: الخلقة {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر:1] أي: خالقها، وقال تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30] أي: خلقهم جبلة عليها، وفطرة الإنسان بمعنى: صدقة عن بدنه وخلقته في جسمه، ويؤيد هذا أيضاً الحديث الآخر: (على كل سلامى كل يوم تطلع فيه الشمس صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وتعين الرجل على دابته صدقة، وأن تلقى أخاك بوجه طلق صدقة، ويجزئ عن هذا كله ركعتان من الضحى) .
فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل على الإنسان في أعضائه وحركاته صدقة لكل عضو يتحرك، ولعل هذا في مفهوم العصر الحاضر من عوامل الصيانة، فهذا الجسم فيه ثلاثمائة وستون مفصلاً، من فقار الظهر إلى أنامل اليد إلى حركة الفك إلى الأسنان.
إلى غير ذلك، وكل عضو يتحرك يحتاج إلى صيانة، فتكون الصدقة هي عوامل الصيانة لجسم الإنسان، وهي شكر لله سبحانه وتعالى على سلامى من بدنه بعد أداء فريضة الصوم.
وسواء سميت صدقة الفطر أو سميت صدقة الفطرة، إلا أن بعض العلماء علق تسميتها صدقة الفطر حكماً في وقت وجوبها، لأن معنى صدقة الفطر، أي: الفطر من رمضان في آخر يوم يفطر فيه الإنسان، وذلك عند غروب الشمس، فقال: تجب بغروب الشمس من ليلة العيد.
والآخرون يقولون: تجب بطلوع فجر يوم العيد، أي: فالخلاف في مدة الليل فقط من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا محل الخلاف، ويترتب على هذا الخلاف أمر بسيط، وهو: أن من قال بغروب الشمس لو ولد مولود بعد الغروب، أو مات ميت بعد الغروب فمن قال بغروب الشمس قال: إنها وجبت عليه، ومن قال بطلوع الفجر قال: لا تجب عليه؛ لأنه لم يدرك الفجر حياً.
المهم أن نتيجة الخلاف نتيجة بسيطة وخفيفة وعلى القول بأن زكاة الفطر تكون متعلقة بصوم رمضان.
وجاءت بعض الآثار تفيد أن الصوم معلق بين السماء والأرض بزكاة الفطر، وعلى أنها زكاة الفطرة تكون شكراً لله على سلامة البدن.