اشتراط النصاب في زكاة النقدين

قوله: (إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول) أي: مضى عليها حول كامل، والحول: هو السنة؛ لأنه يحول ويعود.

قوله: (ففيها خمسة دراهم) فخمسة دراهم تخرج من (200درهم) ، (200÷5=40) ، أي ففي كل (40 درهم) درهم درهماً واحداً، فيكون المخرج (1.

4) فننسبه مئوياً وعشر الأربعين هو (1.

10×40=4) ، وربع الأربعة هو (1.

4×4=1) ، فهو ربع العشر وهو (2.

5%) ، فهذه النسبة ثابتة في الذهب والفضة.

والذي يهمنا هنا: اشتراط بلوغ النصاب في الفضة مائتي درهم، واشتراط حولان الحول، وعليه فلا زكاة في الفضة إلا بامتلاك نصاب كامل، ويبقى هذا النصاب مخزوناً بلا حاجة تدعو إليه سنة كاملة.

إذاً: ما دام أن لديه مائتي درهم، ومرت عليه سنة وما احتاج منها إلى شيء، فهو غني، ولو كان فقيراً لأخذ منها، لكن هذه الدراهم نائمة مستريحة ما حرك فيها ساكناً، فهو في غنى عنها، سواء كانت من صناعة أو تجارة أو زراعة، فمن كان عنده رأس مال نائم لم يحركه لحاجة ولا ضرورة، فهذا غني، وهذا من الإرفاق بالغني فلا تؤخذ زكاة ماله إلا إذا ثبت غناه، وما الذي يثبت غناه؟ وجود النصاب سنة كاملة ما امتدت يده إليه.

ومن ناحية أخرى: عنده مائتان، أخذنا منه خمسة وهي: (2.

5%) ، فهي نسبة ضئيلة جداً لا تؤثر عليه؛ فهذا إرفاق به مرة أخرى.

ومن هنا نجد الزكاة مبنية على الإرفاق بالغني، كما هي مشروعة للإرفاق بالفقير، ومن الإرفاق بالغني اشتراط حولان الحول؛ لأنها علامة على غناه، ومن الإرفاق به أن يكون الجزء المأخوذ ضئيلاً جداً لا يؤثر عليه، وما يؤخذ من الغني كثير أو قليل فهو إرفاق بالفقير كما قيل: بث الجميل ولا تمنعك خلته فكل ما سد فقراً فهو محمود وكما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة) أي: رجل شاة محرقة لا تحتقره المرأة في أن تهديه لجارتها، لتذهب فتشويه أو تسلقه حتى تحصل منه شيئاً، وقد سمعنا في بعض القصص أنه مر على المدينة سنين جوع، كانوا يتبعون جلود الحيوانات فينفضونها ويدقونها، ويصنعون منها طعاماً.

فإذاً: لا تحتقر شيئاً، وفي الحديث: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) .

امرأة مسكينة تأتي إلى بيت رسول الله فتجد أم المؤمنين عائشة وبيدها قطف عنب فتسألها، فتعطيها حبة مما في يدها، فتأخذها المرأة وتنظر فيها تستقلها، فقالت لها عائشة: يا أمة الله! انظري كم فيها من ذرة، والله يقول: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه} [الزلزلة:7] تستكثرها.

والمرأة التي شقت التمرة شقين، وأعطت كل شق لطفلة من بناتها، ثم أخذت النواة تمصها، اجتزأت بهذا.

إذاً: كل ما يؤخذ من الغني للفقير قليلاً كان أو كثيراً فهو كل ما سد فقراً، فهو محمود.

إذاً: يبين لنا علي رضي الله تعالى عنه بأنه لا تجب على الإنسان في الفضة زكاة حتى يمتلك مائتي درهم، ولا زكاة عليه في المائتي درهم حتى يحول عليها الحول.

قوله: (وليس عليك شيء حتى يكون لك عشرون ديناراً وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك) .

جاء علي رضي الله تعالى عنه هنا ببيان نصاب الذهب فقال: (لا شيء عليك في الذهب حتى تمتلك عشرين مثقالاً) ومسمى المثقال والدينار واحد، فالدينار: اسم للوحدة النقدية، والمثقال: اسم للوحدة الوزنية، وكما تقدم بأن نسبة الدرهم إلى الدينار هي: كل عشرة دراهم تزن سبعة مثاقيل، أي: أن المثقال درهم وثلاثة أسباع.

قوله: (ولا زكاة عليك حتى يحول عليها الحول) أي: كشأن الفضة، فإذا امتلكت عشرين مثقالاً وحال عليها الحول فعليك فيها نصف مثقال، النصف في العشرين كم يعادل في المائة؟ واحد في الأربعين، والمائة فيها أربعون وأربعون أخرى، ونصف الأربعين، فتكون هي 2.

5%.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015