وجاء عن معاذ رضي الله تعالى عنه: (ائتوني من الثياب اللبيس والخميص -أو الخميس- فإنه أرفق بكم، وأنفع لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) .
فبعض العلماء يحمل هذا على الصدقة، وبعضهم يحمله على الجزية، فمن حمله على الصدقة قال: يجوز أخذ العروض عن الصدقة بدل المال؛ لأن هذه معاوضة بلباس بدل ما وجب في الصدقة.
ويجيب الذين يمنعون أخذ العروض في الصدقة بأن الأصل أن يقبض الزكاة، فإذا قبض الزكاة من الإبل أو من البقر أو من الغنم، ورأى أن سوقها من اليمن إلى المدينة كلفة ومشقة، وخاف عليها أخطار الطريق من عطش وتكسر وموت، ورأى أن يستبدل بدلاً منها ثياباً، فلا مانع من ذلك؛ لأنه يكون قد استلم الواجب الشرعي من الإبل أو من البقر أو من الغنم، وبصفته مفوض، وهو أمين موكل إليه أن يعمل لمصلحة الفقراء والمساكين؛ فله أن يستبدلها بعدما حصلها من أصحابها على الوجه المشروع.
فعلى رواية: (في الصدقة) يكون قد أخذ الصدقة من أعيانها وأجناسها، ثم استبدلها بعد ذلك من جديد بعد أن دخلت في عهدته.
أما رواية: (في الجزية) فلا علاقة لها بالزكاة، ولا دخل لها في موضوع أخذ العروض أو القيمة فيما وجب من الزكاة.
والله تعالى أعلم.