قال المؤلف رحمه الله: [وذكر الحديث وفيه الدعاء بإمساكها متفق عليه] .
اختصر الحديث اختصاراً شديداً، وتتمة الحديث في يوم الجمعة الثانية دخل رجل من نفس الباب، وفي بعض الروايات (دخل الرجل) فاللام للعهد، أي: الرجل الأول، وبعضهم يقول: لا ندري أهو بعينه أم غيره.
فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادعو الله أن يمسكها عنا.
فضحك صلى الله عليه وسلم، وتبسم لشدة خلف ابن آدم، فمن قبل تشتكون الجدب، والآن تشكون المطر! ثم أجابهم، وقد نقل ابن حجر وغيره عن قتادة: أن فيه إظهار كرامة الله لنبيه كما أشرنا سابقاً أن الاستسقاء فيه إثبات المعجزات للأنبياء، والكرامات للأولياء وللصالحين، فرفع صلى الله عليه وسلم يديه وهو في الخطبة، وقال: (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية، ومنابت الشجر، ويشير بيده) ، فيقول الراوي: والله إنا لنرى السحاب يتفتق ويتقطع وينفلق، فطلعت الشمس وخرجنا نمشي في الشمس.
وبعضهم يقول: تحولت حول المدينة، وأصبحت المدينة كأن عليها التاج أي: كان السحاب محيطاً حول المدينة، وعلى سماء المدينة ما في سحاب ولا مطر، فسبحان الله، ولا إله إلا الله يفعل ما يريد.
وهنا جواز الدعاء بإمساكها، وهنا ينبه بعض العلماء على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أمسكها عنا ولكن طلب رفع الضرر، وأنه قد اشتد أمر نزولها علينا فتضررنا، فحولها إلى ما لا ضرر فيه، فإنها إذا نزلت على الآكام، -وهي المرتفعات- وعلى الجبال، وعلى بطون الوديان جرت الوديان، وسقت الأرض، وشربت الدواب، فكان في وجودها وجريانها في مجراها خير كثير، بخلاف ما إذا أمطرت على البيوت فإنها قد تهدمها، فلم يسأل صلى الله عليه وسلم ربه أن يمسكها؛ لئلا يقع في طلب الإرسال أولاً، ثم طلب الإمساك، وإنما طلب رفع ضررها بأن تتحول إلى الأماكن التي لا يحدث منها فيها ضرر.