قالت: (ثم حول إلى الناس ظهره) كان على المنبر يحمد الله بهذه الكلمات الكريمات مواجهاً للناس.
واجهة الخطيب للمصلين تكون بطبيعة الحال معاكسة لجهة القبلة، فتكون القبلة وراءه، وليس معقولاً أن يستدبر الناس ويخاطبهم، فليس هذا من الآداب، بل سنة الخطبة أن يواجه الخطيب من يخاطبهم.
قالت: (ثم حول إلى الناس ظهره) أي: لما استقبل القبلة.
قالت: (وقلب رداءه) ، وجاء: (حول رداءه) ، وجاء: (كانت عليه طنفسة غليظة فأراد أن يحولها فثقلت عليه فقلبها) ، وجاءت عدة ألفاظ.
والراجح من كل تلك الألفاظ أنه حول، وجاء التصريح أنه جعل الطرف الأيمن على الكتف الأيسر، والطرف الأيسر على الكتف الأيمن، والفرق بين (قلب) و (حول) أن القلب معناه أنه كان طرف الرداء الأعلى على رأسه، فإذا كان (قلب) فسينزل هذا الطرف إلى أسفل، ويأتي بالطرف الأسفل إلى أعلى، وتبقى أطراف اليمين في اليمين، واليسار في اليسار، لكن التحول معناه أنه يأخذ الرداء كله ويرفعه، فالأيمن يجعله أيسر، والأيسر يجعله أيمن.
والمشهور أو الراجح أنه حول، وبعض العلماء يقول: تارة قلب، وتارة حول وكل ذلك تفاؤل واستشعار بتحويل الحال التي هم عليها إلى حال أحسن منها، أو قلب الوضع من جدب إلى خصب، وكل ذلك لا بأس به.
يقول ابن حجر: وكان رداؤه صلى الله عليه وسلم ستة أذرع في ذراعين، وبعضهم يزيد: وشبرين.
فالمهم أنه حول الرداء، والآن لا أحد يلبس الرداء.
فإذاً: كان ما يلبس قابلاً للتحويل فيحول، فإن كان مشلحاً حوله، فيجعل كم اليد اليمنى في اليسرى، وما كان في اليد اليسرى يجعله في اليد اليمنى، وجعل المشلح بهذا الحال يقتضي القلب؛ لأنه ما كان في الداخل سيكون في الخارج، وما كان خارجاً سيكون داخلاً.
وعلى كل إذا لم تكن هناك عباءة أو مشلح فهناك ما يضعه على الرأس فيحوله أو يقلبه.
وفي ذلك الاستشعار والتفاؤل بتغيير الحال الذي هم فيه إلى حال أخرى أحسن منها.
قالت: (وقلب رداءه وهو رافع يديه) .
في حالة رفع اليدين أمسك بالرداء وقلبه أو حوله.
قالت: (ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين) .
بعدما أجرى حركة الرداء تحويلاً أو قلباً استقبل الناس بوجهه، ونزل من على المنبر، أي: عاد إلى حالته الأولى،:ثم قام فصلى ركعتين، ومن هنا بعض الناس يقول: خطبة الاستسقاء تكون قبل الصلاة وقال آخرون: لا.
فقد جاءت أحاديث أخرى تفيد أن خطبة الاستسقاء بعدها.
فما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان دعاء، وليس خطبة؟! سيأتي البحث: هل يخطب لها أم لا، وهل يخطب بعدها أم قبلها، وسيأتي تفصيل ذلك في الأحاديث الآتية إن شاء الله.