[وعنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس على صفوفهم، فيعظهم ويأمرهم) متفق عليه.
] .
في هذا الحديث أنه كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، وأول شيء يبدأ به الصلاة، والخطبة بعد الصلاة، وفيه أنه كان ينصرف من مكانه الذي كان يصلي فيه، فكان يصلي مستقبل القبلة، ثم ينصرف عن القبلة إلى المصلين والناس على صفوفهم جالسين فيعظهم ويأمرهم وينهاهم بالإرشاد والتوجيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما يراه مناسباً، والموعظة من أساس الخطبة، سواءٌ كانت هذه الموعظة وهذا الأمر هو الخطبة أم غير ذلك، فإن الوعظ وقع بعد الصلاة.
وهذا حديث طويل اختصره البخاري، وتتمته أنه صلى الله عليه وسلم بعدما صلى خطب الناس بما فيه الموعظة، وبما فيه الأمر، وبما فيه النهي، والناس على صفوفهم وهو مستقبل الناس، فسنة الخطبة أن الإمام يستقبل الناس، لا أن يستقبل القبلة وظهره إلى الناس، وكذلك المصلون يستقبلون الإمام بوجوههم.
وقد يكون هذا الأمر عادياً في غير المسجد النبوي، ولكن في المسجد النبوي في الطرفة من باب السلام إلى الحجرة الشريفة يكون الناس أمام المنبر، والإمام يخطب، وجلستهم العادية أنهم يكونون مستدبرين الإمام مستقبلين القبلة، فإذا بدأ الإمام بالخطبة ينبغي أن يستقبلوه بوجوههم، وكذلك من كان في أقصى الصف، الآن المسجد يمتد إلى ألف تقريباً من الشرق إلى الغرب، ومن كان في وسط الصف محاذياً للمنبر لا يعادل مكان من كان في طرف الصف شرقاً أو غرباً، فيلتفت بوجهه إلى الإمام ليسمع الخطبة.
فهؤلاء الذين هم أمام المنبر عليهم أن يستقبلوا الإمام عند الخطبة.
وأما إذا لم نسمع الإمام بذاته، ولم نره بأعيننا، وكان هناك آلات تكبير الصوت في جدار المسجد القبلي وأتانا صوت الخطيب من أمامنا، فهل نعتبر أنفسنا مستقبلين للخطيب، أم نستدبر هذا الصوت ونستقبل المنبر؟ والجواب أن هذه مسألة جديدة تحتاج إلى فتوى.
وعندي أنه إذا كنت في الصف الأخير والمنبر بعيداً فسماعي من الإمام مباشرة أحسن مما أسمع من السماعة، وإن كنت عند الجدار في آخر الصف، والصوت فوق رأسي، وإذا التفت لا أرى الإمام ولا أسمعه مباشرة، وسيأتيني الصوت عن طريق السماعة فالسماعة هذه أولى.
والمهم عندنا أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن أدى الصلاة قال: (صلينا، وسنخطب، فمن شاء جلس، ومن شاء انصرف) وسماع الخطبة يوم العيد ليس كسماعها يوم الجمعة، والذين قدموها رأوا أن الناس ما كانوا يجلسون إلا وهم يستمعون، والرسول أباح لمن يريد أن ينصرف أو يجلس، ولكن الأولى والأفضل أن يجلس؛ لأنه لن يعدم الوصية بالخير والنصيحة والتوجيه، ومع جماعة المسلمين تشمله كلمة (آمين) في الدعاء.