((صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)) حديث أبي هريرة وحديث أبي سعيد، حديث أبي هريرة جزءاً، فالجزء هو الدرجة، وجاء تفسير الجزء بالصلاة، فعلى هذا صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين صلاة، سبع وعشرين مرة كما جاء في بعض الروايات، فاختلاف الرواة في العدد منهم من يقول: العدد لا مفهوم له، والأصل أن الكلام له مفهوم، نعم إذا تعارض المفهوم مع منطوق أقوى منه يلغى المفهوم، {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة] هذا لا مفهوم له؛ لأنه معارض بمنطوق أقوى منه {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [(116) سورة النساء] فهنا سبع وعشرين درجة، وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد: "خمس وعشرين درجة" فمنهم من يقول: إن العدد لا مفهوم له، ويستوي في ذلك السبع والعشرين والخمس والعشرين وما هو أكثر من ذلك وما هو أقل، بل المراد من هذه الأحاديث بيان مزية صلاة الجماعة من غير تحديد بعدد معين، وإنما ذكرت هذه الأعداد للتمثيل، وإلا فالأصل فالعدد لا مفهوم له، منهم من يثبت أن العدد له مفهوم، ويحمل حديث ابن عمر على صور وأحاديث أبي هريرة وأبي سعيد وغيرهما مما جاء في الخمس والعشرين على صور أخرى، طلباً للجمع بين هذه النصوص، فبعضهم يقول: السبع والعشرين لمن صلى جماعة في المسجد، والخمس والعشرين لمن صلى جماعة خارج المسجد، في غير المسجد، ومنهم من يقول: السبع والعشرين للأعلم الأخشع، والخمس والعشرين لمن كان حاله ضد ذلك، ومنهم من يقول: السبع والعشرين لمدرك الصلاة كلها، والخمس والعشرين لمدرك بعضها، ومنهم من يقول: السبع والعشرين للبعيد من المسجد، والخمس والعشرين للقريب منه.
وعلى كل حال هذه أقوال لا دليل عليها، ولا شك أن حضور القلب في الصلاة له دور كبير في ترتب الأثر والأجر عليها، ولذا من الناس من ينصرف بصلاة كاملة، ومنهم من ينصرف بنصفها، ومنهم من ينصرف بالربع، ومنهم من ينصرف بالعشر، ومنهم من ينصرف بلا أجر، لكن يكفيه أن صلاته تسقط عنه الطلب وتبرأ ذمته بها.