ولذا جاء الحديث في الصحيح: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) إطلاق الحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) يدل على أنها صلاة الليل لا تتقيد بعدد، ويؤيده الحديث الماضي: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فلا عدد محدد لصلاة الليل، يصلي مثنى مثنى مطلق، يصلي تسليمة تسليمتين ثلاث عشر عشرين لا حد لذلك، لكنه إذا خشي الصبح يصلي ((واحدة توتر له ما قد صلى)) فدل هذا الحديث على أنه لا يزاد على ركعتين، ولا يخص من ذلك إلا الوتر، وأنه لا تقييد بعددٍ معين لإطلاق الحديث: ((مثنى مثنى)) فإذا خشيت الصبح فتصلي واحد توتر لك ما قد صليت.
والحديث يدل أيضاً على أنه إذا طلع الصبح فلا صلاة إلا ركعتي الصبح، خلافاً لمن يقول: بأن الوتر يستمر بعد طلوع الصبح إلى إقامة صلاة الصبح، وفعله بعض السلف، لكن مقتضى هذا الحديث لا، أنه لا يقضى الوتر بعد طلوع الصبح ((فإذا خشي أحدكم الصبح)) يعني خاف أن يطلع عليه الصبح فليصل واحدة ((صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى)) ليقطع صلاته على وتر، فدل على أن وقت الوتر ينتهي بطلوع الصبح، ولا يستمر إلى ما بعد الطلوع كما يقول بعضهم، وفعله بعض السلف، قضى الوتر بعد طلوع الصبح، إذا
خشي الصبح أن يباغته أن يداهمه يصلي ركعة واحدة، لكن إذا تيقن طلوع الصبح يقف، انتهى وقت الوتر، وفات وقته، ويقضى الوتر وقيام الليل بعد ارتفاع الشمس وقبل الزوال، على أن يكون شفعاً، فالنهار ليس بمحلٍ للوتر، فإذا كانت عادته أن يوتر بثلاث يصلي من الضحى أربع ركعات، ما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها، وإذا كانت عادته جرت بأن يوتر بخمس يصلي ست ركعات، وإذا جرت عادته أن يوتر بسبع يصلي ثمان وهكذا، فيشفع لأن النهار ليس محلاً للوتر، وإذا طلع الصبح انقضى وقت الوتر، أما إذا خشي وخاف أن يباغته الوقت يصلي ركعة واحدة، أما إذا تيقن طلوع الصبح انتهى الوقت، فلا صلاة إلا ركعتي الصبح فقط، يدخل وقت نهي الآن ((فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعةً واحدة توتر له ما قد صلى)) متفق عليه".