أما من فعله -عليه الصلاة والسلام- فهو ثابت "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن" وهذه الضجعة بعد ركعتي الفجر اختلف أهل العلم في حكمها، فبالغ ابن حزم فقال بالوجوب، بل قال: إن صلاة الصبح لا تصح لمن لم يضطجع بعد ركعتي الصبح، يبطل الصلاة إذا لم يضطجع قبلها، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يضطجع وهذا من فعله، لكن هل هذا الأمر أو هذا الفعل له ارتباط بالصلاة؟ ليكون له أثر في حكم الصلاة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقوم الليل قياماً طويلاً، فيحتاج إلى الراحة، حتى قال بعضهم: إن هذه الضجعة لا تشرع إلا لمن أطال القيام، أما شخص قام من فراشه وصلى ثلاث ركعات أوتر بثلاث ركعات، بثلاث دقائق ثم جاء بركعتي الصبح بدقيقتين المجموع خمس، هذا يحتاج إلى أن يضطجع ليرتاح، لكن من صلى ساعة ساعتين يحتاج يرتاح، قال بعضهم: هذه للحاجة، إن احتاج إليها فعلها، والنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يفعلها لحاجته إليها، ولذا كان ابن عمر يحصب من اضطجع، يرميه بالحصبة، فهذان قولان متضادان، عدم المشروعية أصلاً، والقول بالوجوب، وتأثير العدم على الصلاة الفريضة كما يقول ابن حزم، وأنها لا تصح إلا إذا اضطجع، ولا بد أن يكون على جنبه الأيمن، فلو لم يستطع الاضطجاع على جنبه الأيمن ماذا يصنع؟ عند ابن حزم يقول: لا يضطجع على جنبه الأيسر، يومئ إيماءً إلى الاضطجاع، لا يضطجع هذه حرفية، تطبيق حرفي، أما إبطال الصلاة فلا.

ابن عمر كان يحصب من اضطجع، نعم من اضطجع في المسجد، النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يضطجع في المسجد، إنما كان يضطجع في بيته، فالاضطجاع سنة لمن صلى الركعتين في بيته اقتداءً بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا يربط ذلك بالحاجة، إنما يربط بفعل .. ، ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- من الركعتين، إذا صلى الركعتين اضطجع في بيته، إذا لم يضطجع في بيته لا يضطجع، فقد كان ابن عمر يحصب من اضطجع، ومعلومٌ أنه لا يحصب الناس في بيوتهم، إنما يحصبهم في المسجد، وعلى هذا يحمل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015