"كراهية أن يتخذها الناس سنة" طريقة مألوفة وجادة متبعة لا يخل بها ولا يفرط فيها فيشبهها بالرواتب "رواه البخاري، وفي رواية ابن حبان: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى قبل المغرب ركعتين" فجاءت هاتان الركعتان، أو جاء الحث عليهما بقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا قبل المغرب)) وجاءت مشروعيتهما بفعله -عليه الصلاة والسلام- فكان يصلي قبل المغرب ركعتين، وجاءت أيضاً بإقراره -عليه الصلاة والسلام- في رواية: "مسلم عن أنس قال: كنا نصلي ركعتين بعد غروب الشمس، وكان -صلى الله عليه وسلم- يرانا فلم يأمرنا ولم ينهانا" فتضافرت أنواع السنن القولية والفعلية والتقريرية على مشروعية هاتين الركعتين، فأمر بهما وفعلهما، وأقر من فعلهما، فالسنة إما قول أو فعل أو تقرير، وقد تضافرت السنن على إثبات هاتين الركعتين، لكنها ليست من الرواتب التي يحافظ عليها، نعم إن تيسرت صلاها إن كان في المسجد صلاهما، وإلا فليس أمرهما مثل أمر الرواتب التي على المرء أن يحافظ عليها، وليست مثل ركعتي الصبح التي يتعاهدها النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا يفرط فيها حضراً ولا سفراً.
النصوص السابقة تدل على الرواتب، وهي اثنتا عشرة ركعة، يضاف إلى ذلك ركعتين بعد الظهر، كم يصير المجموع؟ أربع عشرة، والأربع التي قبل العصر، كم؟ ثمان عشرة، يضاف إلى ذلك الركعتين قبل المغرب، عشرون، لكن الرواتب التي تلي الفرائض بالأهمية الاثنتي عشرة، وما عدا ذلك فأمرها أخف، والمرتبة الثالثة النوافل المطلقة.
الرواتب على الإنسان أن يحافظ عليها، ويتعاهدها في الحضر، إذا سافر والمسلم يكتب له ما كان يعمله إذا كان مقيماً، وجاء الخبر لو كنت مسبحاً لأتممت، فأهل العلم يقولون: الرواتب لا تفعل في السفر باستثناء ركعتي الصبح، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يدعها سفراً ولا حضراً.