فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب سجود السهو: "وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ " لأنه صلى مع شيء من الزيادة أو النقص، فسئل عن ذلك ولم ينبهوه أثناء الصلاة إلا بعد أن سلم "فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: ((وما ذاك؟ )) قالوا: صليت كذا وكذا" لم يبين الخلل الذي وقع في الصلاة بسبب النسيان والسهو "قال: فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم" يعني بعد أن سلم السلام الأول سجد سجدتين "ثم سلم، ثم أقبل" على الناس "بوجهه -عليه الصلاة والسلام- فقال: ((إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به)) وهذا من البيان اللازم الذي أداه النبي -عليه الصلاة والسلام- كما أمر، بلغ البلاغ المبين، ولا يؤخر البيان -عليه الصلاة والسلام- عن وقت حاجته، لو حدث في الصلاة تغيير زيادة أو نقص بكمية أو كيفية نبأهم به -عليه الصلاة والسلام-، ((إنه لو حدث في الصلاة شيء نبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر)) هو بشر -عليه الصلاة والسلام- ينتابه ما ينتاب البشر، مع أنه معصوم -عليه الصلاة والسلام-، ثم بين وجه المثلية بينه -عليه الصلاة والسلام- وبينهم فقال: ((إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى مثلكم أنسى كما تنسون))، جاء في الحديث الصحيح: ((لا تقولوا: نَسِيت آية كذا وكذا ولكن نُسِّيت)) وهنا يقول: ((أنسى كما تنسون)) يعني هل هذا من ذاك أنسَّى كما تنسَّون؟ أو ذاك خاص بالقرآن؟ يعني لا تقول: نسِيت آية كذا وكذا قل: نسِّيت أو أنسيت، لا تنسب النسيان إلى نفسك بالنسبة للقرآن، أما في غير القرآن فانسبه لنفسك، لماذا؟ النهي صريح بالنسبة للقرآن؛ ولئلا يدخل الإنسان إذا نسب النسيان لنفسه في القرآن في قوله -جل وعلا-: و {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] لكن فيما عدا القرآن قل: نسيت، وأنت محل للنسيان.