((فليستعذ بالله من أربع)) بينها بقوله: ((يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم))، ((فليستعذ)) اللام لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال بوجوب ذلك طائفة من أهل العلم، حتى إن طاووساً -رحمه الله- أمر ابنه أن يعيد الصلاة لما نسي هذه الأربع، وهذا في صحيح مسلم، وبعضهم يقول: هي واجبة كغيرها من الواجبات على ما سيأتي في حديث ترك التشهد أن الواجبات لا تعاد الصلاة من أجلها، بل تجبر، والأكثر على أنها سنة، على أن الاستعاذة بالله من أربع سنة، لكن اللام كما عرفنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب.

((فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم)) وأي عذاب أعظم من عذاب جهنم؟! ((ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات)) فتنة المحيا والممات، عذاب جهنم معروف، وعذاب القبر أيضاً جاءت به النصوص، جهنم هي دار الجزاء الثاني لمن عصى ومن أبى جزاؤه جهنم -نسأل الله العافية-، عذاب القبر أيضاً ثبت بالنصوص القطعية المتواترة ((ومن فتنة المحيا)) الإنسان يفتن في حياته، وإن كان ظاهره الصلاح لا تؤمن عليه الفتنة، وإن كانت فواتحه خير لا تؤمن أن تكون عاقبته إلى شر ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) يفتن عن دينه، تكون هناك دسيسة في قلبه منطوٍ عليها، ولو صارت صغيرة في نظره، لكن تخونه، فتنة المحيا والفتن كثيرة ومتفاوتة، منها الفتن الكبرى المضلة، ومنها الفتن الصغيرة التي تكفرها الصلاة، ورمضان، والعمرة إلى العمرة، فتنة الرجل في أهله، في ماله، في جاره، هذه أمورها سهلة، لكن الإشكال إذا فتن وصرف عن دينه، يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-:

والله ما خوفي الذنوب وإنها ... لعلى سبيل العفو والغفران

لكن خوفي أن يزيغ القلب عن ... تحكيم هذا الوحي والقرآن

الإنسان ما يلزم أن يكون هذا خاص بالحكام والقضاة، كل إنسان مطالب بأن يحكم بشرع الله، فيمن تحت يده، في نفسه، والله المستعان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015