"بعد الركوع" وجاء عن أنس -رضي الله عنه- أنه قبل الركوع، وابن القيم -رحمه الله تعالى- وفق بين ما جاء عنه من هذا وهذا، فقال: إن القنوت الذي هو قبل الركوع طول القيام، فالقنوت في الأصل هو طول القيام {وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ} [(238) سورة البقرة] القنوت طول القيام، فالقنوت الذي قبل الركوع طول قيامٍ في القراءة، والقنوت الذي هو بعد الركوع طول قيام بالدعاء فلا اضطراب؛ لأن بعضهم يقول: كيف يقول أنس: أحياناً قبل الركوع وأحياناً بعد الركوع؟ ابن القيم -رحمه الله تعالى- قال: المراد بالقنوت طول القيام، فالقنوت الذي هو قبل الركوع طول قيامٍ بقراءة، والقنوت الذي بعد الركوع هو طول قيام بالدعاء.
"يدعو على أحياء" أي قبائل "من العرب ثم تركه" لأنه مصيبة وكارثة حلت بالأمة، لا شك أن مثل هذه الأمور تنتهي تدريجياً؛ لأنه مصيبة والمصائب كل ما مضى عليها الوقت تنسى، فلا يحسن التذكير بها، كتعزية المصاب، الآن لو يموت شخص وابنه زميلٌ لك، ومعك في العمل، كل صباح: "أحسن الله عزاك بالوالد"، "أحسن الله .. " لمدة سنة، وبعدين؟ هو نسي وخلاص، انتهت المصيبة في وقتها، فمثل هذا لا يشرع، لأن مثل هذا يذكر بهذه المصيبة "ثم تركه" متفقٌ عليه".
"ولأحمد والدارقطني نحوه من وجه آخر" وهذا الوجه ضعيف "وزاد: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا"، "من وجه آخر" عن أنس "وزاد فيه: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا"، وفي الحديث الأول: "ثم تركه" فإما أن يقال: إنه تركه في بقية الفرائض والاستمرار في الصبح، أو يقال: إن رواية "لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" ضعيفة ولا تعارض بها الرواية الصحيحة.
هذه الرواية التي معنا: "وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا" عرفنا أنها ضعيفة، ولو صحت لقلنا: إنه لم يزل يقنت يطيل القراءة، والقنوت طول القيام حتى فارق الدنيا، ويعارض حديث أنس هذا الذي في صلاة الصبح حديث سعد بن طارق الأشجعي وهو صحيح، وهو أصح من هذا، اقرأ الحديثين.
"وعنه -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم، أو دعا على قوم" صححه ابن خزيمة".