هذا القنوت يسميه أهل العلم قنوت النوازل "عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت شهراً بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب" رعل وعصية وبنو لحيان "يدعو على أحياء من العرب" مدة شهر ثم ترك القنوت، هؤلاء الأحياء النبي -عليه الصلاة والسلام- أرسل زهاء سبعين رجلاً إلى قوم من المشركين يعرفون بالقراء، غدروا بهم وقتلوهم، فقنت النبي -عليه الصلاة والسلام- مدة شهرٍ يدعو عليهم، يدعو على هؤلاء الذين غدروا بهؤلاء القراء، هذه نازلة، هذه نازلة.
فقنوت النوازل مشروع، وهو مربوط بالأمور العامة التي تنزل بالأمة لا ما ينزل بشخصٍ معين، لو مرض إمام من أئمة المسلمين عالم كبير هل نقول للناس: اقنتوا قنوت نوازل لكي يرفع الله عنه هذا البلاء؟ هذه ليست نازلة، وإن كان أثرها في الأمة ظاهر، لكن يدعى له بظهر الغيب يدعى له بالسجود، يدعى له في أوقات الإجابة لا بأس، أما أن يقنت لرفع ما نزل به، الصحابة ما قنتوا لما مرض النبي -عليه الصلاة والسلام-، فمثل هذا لا يشرع، وإن فعله بعض المجتهدين من أصحاب الحماس والغيرة والحرقة على ما يقولون يفعلونه، مرض شخص من الأشخاص من أهل العلم يقنتون، هذه ليست نازلة، هذه وإن كانت نازلة إلا أنها خاصة وليست عامة.
النبي -عليه الصلاة والسلام- قنت بعد الركوع، وجاء عن أنس أن القنوت كان قبل الركوع، قنت بعد الركوع، وجاء عن أنس أن القنوت كان قبل الركوع، أولاً: قوله: "قنت شهراً" هل يحدد قنوت النوازل بهذه المدة؟ أو نقول: إن النازلة تقدر بقدرها على حسب ما يقدره أهل الاجتهاد من علماء المسلمين؟ تقدر بقدرها، فقد لا تصل إلى حد الشهر، وقد تزيد على الشهر؟ أو نقول: إن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهو المشرع وهو القدوة فلا نزيد على ما فعل ولا ننقص عنه؟ محل نظر، ولا شك أن النوازل متفاوتة، ومنها ما هو مربوطٌ بمدة ووقت، ومنها ما يطلب كشفه فيستمر إلى أن ينكشف، ومنها ما حصل وانتهى كقتل هؤلاء القراء، المقصود أنه محل للاجتهاد.