يقول: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) " (لا) كما هو معروف نافية، ونافية للجنس ((لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن)) متفق عليه، والتقدير إما أن يقال: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن، وهذا هو الأصل في النفي نفي الذات، أو لا صلاة صحيحة مجزئه مسقطة للطلب، أو لا صلاة كاملة لمن لم يقرأ بأم القرآن، فهل نستطيع أن نقول: لا صلاة موجودة لمن لم يقرأ بأم القرآن؟ أو قد توجد صورة الصلاة؟ هل نستطيع أن ننفي وجود الصلاة؟ يعني كما تقدم في حديث المسيء: ((صلِ فإنك لم تصلِ)) هل النفي لوجود الصلاة صورة الصلاة أو للصلاة المجزئة الصحيحة المسقطة للطلب؟ المجزئة الصحيحة، عندنا هذا تقدير ولا يمكن أن يقدر لأنه قد يصلي الإنسان بدون الفاتحة، يعني صورة ظاهرة، وهذه حقيقة عرفية للصلاة، لكن الحقيقة الشرعية للصلاة نعم، الصلاة الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، فإذا لم نستطع أن ننفي الحقيقة العرفية، ننظر إلى الحقائق الأخرى؛ لأن الأصل في الكلام المنفي نفي الحقيقة، المثبت إثبات الحقيقة، فلا نستطيع أن ننفي الحقيقة العرفية، توجد صلاة يقرأ ويكبر ويقرأ ويركع ويرفع ويسجد صلاة في ظاهرها لا إشكال فيها، في ظاهرها، فهذه صلاة عرفية.
الصلاة في حقيقتها الشرعية المقصود بها الصحيحة المجزئة المسقطة للطلب، الذي لا يؤمر بإعادتها، هذا احتمال، الاحتمال الثالث أنه قد تنفى .. ، ينفى الشيء مع وجود حقيقته العرفية، ومع وجود حقيقته الشرعية لكن مع نفي الكمال عنه، لكن أيهما الأصل؟ الأصل نفي الحقيقة العرفية، إذا لم نتمكن من نفي الحقيقة العرفية فلا بد أن ننفي حقيقة؛ لأن النفي متجه إلى الحقائق، لكن إن لم نستطع أن نفي الحقيقة العرفية ولا الحقيقة الشرعية لوجود ما يصحح مثل هذه العبادة من أدلة أخرى اتجهنا إلى التقدير الثالث وهو نفي الكمال، فهي متسلسلة، نفي الحقيقة العرفية، لكن لا يمكن، نفي الحقيقة الشرعية وهي أقرب إلى الحقيقة العرفية ممكن، النفي مع الاحتمال الثالث وهو نفي الكمال ممكن لكنه أبعد عن الحقيقة من الاحتمال الثاني.