المقصود أنه يوم شكر، يوم العيد يوم فرح صحيح، لكنه أيضاً يوم شكر، بمعنى أن الإنسان يكون معتدلاً في تصرفاته، لا يكون يوم عرفة منقبض صائم متضرع إلى ربه متذلل مخبت إلى الله -عز وجل-، يرجو نفحات الله -عز وجل- عشية عرفة ثم إذا جاء يوم العيد انفلت من كل قيد، لا، هو في يوم العيد عنده فسحة لا يجوز له أن يصوم، ومع ذلكم في حدود ما شرعه الله -عز وجل-.
فكون الحبشة هؤلاء يلعبون في المسجد في يوم عيد يظهرون هذا الفرح والسرور، يلعبون بالحراب والدرق إظهاراً لقوة الإسلام، وأن الإسلام دين جد وعمل.
على كل حال "يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة" فيجوز مثل هذا العمل في المسجد، ولا يستدل به على تجاوز المشروع في المسجد، ما يقال: إن المسجد مكان مناسب مهيأ للعبث واللعب إذا منع البيع والشراء وإنشاد الضالة وتناشد الأشعار وغير ذلك يمنع ما هو أعظم، مُنع إقامة الحدود، يمنع ما هو أشد من ذلك من باب أولى.
نظر عائشة -رضي الله عنها- إلى الحبشة هو نظر إجمالي ليس معناه أنها تنظر إليهم واحداً واحداً، وإلا فالمرأة مأمورة بغض البصر كالرجل، لكنها ليست مأمورة بتغميض العينين كالرجل فتنظر إلى الرجال من حيث الجملة كما في المساجد والأسواق وغير ذلك، فهي تنظر إلى هؤلاء في جملتهم، لا تحدد في شخص بعينه من بينهم، أو تحدد فيهم واحداً واحداً، المرأة مأمورة بغض البصر، وليس في هذا ما يدل على جواز نظر المرأة إلى الرجال واحداً واحداً، لكن النظر الإجمالي لا شيء فيه، فنظر المرأة إلى جملة الناس من دون تفصيل لأفرادهم كما تنظر إذا خرجت لأمر مباح كالمسجد مثلاً، وعند ملاقاة الرجال في الطرقات، ماذا نقول للمرأة إذا كانت سائرة في طريق؟ نعم لا تعرض نفسها للرجال بحيث تكون سبباً لفتنتهم، ولا تنظر إليهم نظر دقيق لكل شخص شخص، لكن ما يمنع أنها تنظر إلى المجموع، والنظر إلى المجموع يختلف عن النظر إلى الأفراد، نعم.
"وعنها -رضي الله تعالى عنها-: "أن وليدة سوداء كان لها خباء في المسجد فكانت تأتيني فتحدث عندي" .. الحديث، متفق عليه".