في رواية عند البخاري: "وكان يوم عيد" والعيد لا شك أنه يوم فرح وسرور، ويتجاوز فيه ما لا يتجاوز في غيره، وأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- بشيء من هذا ليعلم العدو أن في الدين فسحة، وليس في هذا أيضاً دليل أن يتنازل عن شيء مما يطلبه الدين مراعاةً لحال العدو، إنما يكون هذا في حدود المباح، في حدود المباح، أما أن يرتكب المحرم ويتنازل عن الواجب لنظهر للعدو أن عندنا شيء من قبول ما يمليه علينا أو شيء من التسامح والتساهل في أمر ديننا والتنازل من أجل إرضاء العدو لا، ديننا دين اليسر، إن الدين يسر، ((بعثت بالحنيفية السمحة)) ((لن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) المقصود أن هذه سمة الدين، لكنه أيضاً هو دين تكاليف، دين حلال وحرام، دين منع وإلزام، لكن هو في كل ذلك دين يسر وسهولة، لم يكلف الناس بألف ركعة في اليوم؛ لأنه دين سهولة، لكن لا يجعل الناس فلت، لا يأتمرون بأوامر ولا ينتهون عن نواهي، يستدل المستدل بأن الدين يسر أنه يفعل ما يشاء لا، أقول: هو دين تكاليف، والتكليف إلزام ما فيه كلفة، وحفت الجنة بالمكاره، لكن لا يعني هذا أنه يكلف الإنسان ما لا يطيق، ويحمله ما لا يستطيع ((صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)) .. إلى آخر الحديث {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [(78) سورة الحج] كل هذا موجود في الشريعة، لكن ليس بدين انفلات وتنصل عن التكاليف، فالدين فيه فسحة، والعيد فيه مزيد من هذه الفسحة في حدود المشروع على ألا يتعدى ذلك إلى ما حرمه الله -عز وجل-، وبقدر ما فيه من فرح هو أيضاً يوم شكر لله -عز وجل- على إتمام عبادة قبله، فعيد الفطر يوم شكر لله -عز وجل- على إتمام نعمة الصيام، ويوم عيد الأضحى يوم الحج الأكبر شكر على ما أنعم به فيما قبله من أيام هي أفضل أيام العام ((ما من أيام العمل فيها خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر)) بما في ذلك المناسك، مناسك الحج وغيرها من العبادات لغير الحجاج.