هذا الحديث من المخصصات لعموم أحاديث النهي، من المخصصات، وعرفنا أن المخصصات في أحاديث النهي أكثر من المخصصات في أحاديث ذوات الأسباب، وعلى هذا فعموم أحاديث النهي أضعف من عموم أحاديث ذوات الأسباب، وعرفنا أن عمر -رضي الله عنه- كان يطوف بعد الصبح ولا يصلي إلا بذي طوى، وهذا مثبت في الصحيح، وابن عمر أيضاً عرفنا كلامه، وليس معنى هذا الحديث الحث على الصلاة في أوقات النهي في المسجد الحرام؛ لأن بعض الناس -وهذا واقع- يقول هو في عصر الجمعة يكثر الخروج من المسجد، من المسجد الحرام لكي يصلي كل ما دخل، يكون له مبرر، الدخول مبرر للصلاة وقت النهي، فكون الإنسان لا يمنع ليس معناه أنه يؤمر ((لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) ليس معنى هذا أن الإنسان يؤمر بالصلاة، أو يؤمر بالطواف، فكون الإنسان لا يمنع لا يعني أنه يؤمر، فإذا طاف لا يمنع من الصلاة، إذا دخل لا يمنع من الصلاة، لكن هل يؤمر نقول: استغل فضل المكان وفضل الزمان اخرج مراراً وادخل وصلِ تحية المسجد؟ لا يعني هذا.
وبعض الناس يفهم بعض الأحاديث على غير وجهها، على غير وجهها، حديث في الصحيح: ((ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى)) هل معنى هذا أنك إذا وجدت صبي متقدم جاء قبل الكبار وجلس قرب الإمام أنك تطرد هذا الصبي من هذا المكان؟ بعض رواة الحديث فعل، وهذا فهمه، لكن المتبادر من الحديث هل هو طرد للصغار أو حث للكبار بالتقدم؟ حث للكبار، وليس معناه طرد الصغار، وأهل العلم يقولون: ليس للرجل أن يقيم ابنه ولا عبده من مكانه فيجلس فيه في المسجد؛ لأن القاعدة المطردة في الشريعة أن من سبق إلى مباح فهو أحق به، تعمد إلى شخص بكر، جاء قبلك، يستحق هذا المكان فتطرده من هذا المكان ليس بالصحيح، فبعض الناس يفعل، وقد فهمه بعض الرواة، دخل وفي صبي في روضة المسجد فأقامه، لكن ليس معنى الحديث طرد الصغار إنما هو أمر الكبار، اللام لام الأمر، اللام لام الأمر فهو أمر للكبار، وحث للكبار أن يتقدموا إلى الصلاة فيلوا الإمام.