قال: "ولهما عن أبي هريرة: "وإلا قوم عليه، واستسعي غير مشقوق عليه" قيل: إن السعاية مدرجة في الخبر، يقول ابن العربي: "اتفقوا على أن ذكر الاستسعاء ليس من قول النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنه من قول قتادة" لكن الشيخين خرجا الحديث بهذا اللفظ، وحكم جمع من الحفاظ بأن الاستسعاء من أصل الخبر، وليست مدرجة كالجملة السابقة، ولا كلام لأحد مع الحفاظ، ولا كلام لأحد مع الشيخين مع من حكم بأنها من أصل الحديث من أئمة الحديث، فإذا أعتق من له نصيب في عبد ويشركه فيه غيره، فلا يخلو من أن يكون له مال أو لا، فإن كان له مال قوم العبد قيمة عدل، وألزم بإعتاق باقيه، إن لم يكن له مال فإن كان العبد لديه القدرة على العمل، ويرغب في إعتاق باقيه فإنه يستسعى وإلا فقد عتق منه ما عتق، لا تناقض بين الروايتين، عتق منه ما عتق أو يستسعى، نقول: إن كان يستطيع السعي وجمع المال الذي يعتق به باقيه فإنه يستسعى، إن اختار ذلك، وإن رغب في البقاء على الرق رق بعضه فإنه لا يشق عليه؛ لأن مصلحة الرقيق ملاحظة في الشرع، نعم عتقه مطلوب شرعاً، لكن قد يقول قائل: والله أنا خمسمائة متى أجمع خمسمائة؟ كيف أجمع خمسمائة؟ أنا أخدم هذا الرجل نصف الوقت، وينفق علي أفضل لي من أن أسعى وأكد من أجل أن أدفع له وأعتق، يكفيني نصف حرية، أنام نصف الوقت يكفي، بعض الناس يفضل مثل هذا، ينام نصف الوقت ويخدم نصف الوقت، المقصود أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض، والجملتان في الحديثين من أصل الحديث، الجملتان، الجملة في الحديث الأول: ((وإلا فقد عتق منه ما عتق)) الصواب رواية مالك وعبيد الله بن عمر العمري أنها من أصل الحديث، خلافاً لما تردد فيه أيوب، وكذلك جملة الاستسعاء، طيب ((وإلا قوم عليه واستسعي)) السين والتاء للطلب، والطلب معناه أنه يطلب من العبد أن يسعى، لكن هل يطلب على سبيل الإلزام أو على سبيل التخيير فهو أعرف بمصلحته؟ منهم من يقول: يلزم كما يلزم من أعتق البعض ولديه مال أن يدفع يلزم الرقيق أن يسعى، ومنهم من يقول: الأمر موكول إليه، إن كان سعيه والسعي في عتق باقيه خير له وأفضل فعل، وإلا فالأمر إليه، مما يبحث في هذا أنه لو كان الرقيق يملكه سيد واحد فأعتق