ما يمنع، أنه ينفذ وقفية ثلث هذا البيت وثلث هذا البيت ويرد الثلثان، لكن ما يقال: إنه يوقف هذا البيت، أو هذان البيتان من الستة، وإن كانت قيمتها تعادل الأربعة، بغض النظر عما جاء في الحديث، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- جمع بين الأمور كلها في نظره الدقيق -عليه الصلاة والسلام-، فرأى أن كل واحد يشكل ثلث القيمة مع ثلث العدد ويش المانع؟ وإذا أمكن أن يطبق ما في الحديث مع ما يدل عليه النظر هذا هو الأصل. قال بعد ذلك:
"وعن سفينة -رضي الله عنه- قال: كنت مملوكاً لأم سلمة، فقالت: أعتقك وأشترط أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت" رواه أحمد وأبو داود والنسائي".
هذا الشرط في العتق سائغ، لو قال: السيد لعبده أعتقك بشرط أن تأتي إلي في كل صلاة توصلني إلى المسجد لا أريد غير هذا، أو أعتقك بشرط أن توصل الأولاد المدارس وترجعهم، وبعد ذلك أنت حر، يعمل بالشرط وإلا ما يعمل؟ يعمل بالشرط، لكن لو قال: أبيعك، أو أبيعه عليك بشرط أن يخدمني ما عشت، نقول: لا، نهى عن الثنية إلا أن تعلم، وهذا الشرط ينافي مقتضى العقد، لكن العتق من باب الإرفاق، ليس من باب المعاوضة، فيصح فيه الشرط المجهول، ويصح فيها الشرط وإن كان ينافي مقتضى عقد البيع؛ لأنه ليس بعقد معاوضة، هنا قالت: أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عشت، يعني طلية حياتك تخدم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، قد يقول قائل: إنه ما استفاد ما دام مشروطاً عليه أن يخدم يستمر رقيق، نقول: لا الشعور بالحرية غير، الأمر الثاني: أن الخدمة وقتها معلوم، وبقية الوقت يكون له، بصفته حر، بخلاف ما لو كان رقيقاً، ففي غير وقت الخدمة لا بد أن يؤذن له أن يتصرف، أما إذا كان حراً فلا يحتاج إلى إذن، فهو مستفيد، وإن شرط عليه أن يخدم، قد يقول قائل: إن هذا التصرف من أم سلمة، فيكون موقوفاً عليها، ولا يتم به الاستدلال، نقول: حصل بعلمه -صلى الله عليه وسلم-، واستمر سفينة يخدم النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد هذا الكلام.