طيب ما موقف طالب العلم إذا جاءه مثل هذا الحديث؟ موقفه أن يجمع الطرق، وينظر في من رفع، وفي من وقف، وسوف يتبين له إذا جمع طرق الخبر من القرائن ما يرجح به إذا كان أهلاً لذلك، ثم بعد ذلك لأن هذه المسائل مسائل دقيقة، يعني لا يقوم بها أي طالب علم، مهما طالت معاناته في علم الحديث، إذا فرغ من جمع الطرق، ومال إلى الرفع أو الوقف فإنه ينظر في أقوال الأئمة، ماذا قال الإمام أحمد؟ ماذا قال ابن معين؟ ماذا قال أبو حاتم؟ ماذا قال الدارقطني؟ وهكذا، فإذا وجد حكمه مطابقاً لأحكامهم فليحمد الله، وإذا وجد حكمه مخالف فليعد النظر في صنيعه، ويتسصحب أقوال الأئمة في مثل هذه الأمور؛ لأنه ليس فيها حكم عام مطرد تأخذ النظرية وتطبقها على جميع الأحاديث، لا، بهذا يترقى طالب العلم مع معاناة ومزوالة التخريج والدراسة للأسانيد، ومعرفة الطرق وجمع الطرق والحكم على الأحاديث إذا قارنها بأقوال الأئمة يتأهل؛ لأن يسير على طريقة معينة، وهذه تحتاج إلى عمر ومعاناة وقوة في الحفظ، ونفاذه في الفهم، يعني لا يخاطب بمثل هذا الكلام آحاد الطلاب.
((من ملك ذا ملك محرم فهو حر)) أي أنه يعتق بمجرد الملك، بمجرد تمام الملك، ومنطوقه يخالف مفهوم الحديث السابق، والحديث السابق في صحيح مسلم، ومتفق على رفعه، وهذا الحديث عند أحمد والأربعة، واختلف في رفعه ووقفه، فمن قال: إنه لا بد من إعتاقه لا سيما أهل الظاهر يقولون: حديث مسلم أرجح، ولا بد من أن يصرح بعتقه، والذي يقول: إن مفهوم حديث مسلم مخالف لمنطوق حديث أحمد والأربعة، والمنطوق مقدم على المفهوم يقول: إنه يعتق بمجرد الملك.
قال -رحمه الله- بعد ذلك:
"وعن عمران بن حصين -رضي الله عنهما- أن رجلاً أعتق ستة مملوكين" ستة عبيد تحت ملكه أعتقهم دفعة واحدة "أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم" يعني في مرض موته الذي لا يرجى برئه منه، لا ينفذ تصرفه إلا بالثلث، وما زاد على الثلث لا ينفذ تصرفه؛ لأنه متهم بحرمان الورثة، لماذا لم يتصرف هذا التصرف في وقت صحته؟