"وعن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) " يعني بمجرد الملك حر ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) والضابط فيه بأنه لو كان أحدهما ذكر والآخر أنثى لا يصح النكاح بينهما، كما بين الوالد والولد، والولد والوالدة، والأخ مع أخيه أو أخته أو مع عمته أو خالته، لا أبناء العم ولا أبناء الخال، ولا العمة ولا الخالة؛ لأنه يصح أن يتزوج بنت عمه، وبنت خاله، وبنت عمته، وبنت خالته، فلا يعتق عليه بمجرد الشراء حتى يصرح بعتقه، بخلاف من لا يجوز له نكاحه فإنه يعتق عليه بمجرد الشراء.
قال: ((من ملك ذا رحم محرم فهو حر)) رواه أحمد والأربعة، ورجح جمع من الحفاظ أنه موقوف" إذا تعارض الوقف مع الرفع ذكرنا مراراً أن الحكم للرفع عند جمع من الحفاظ؛ لأنه زيادة من ثقة، وهذا الذي جرى عليه المتأخرون، أو الحكم لمن وقف؛ لأنه متيقن، والرفع مشكوك فيه، يعني ذكر الصحابي متيقن، لكن المشكوك فيه ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- فيكون الحكم لمن وقف؛ لأنه متيقن، وهذا أيضاً يميل إليه جمع من الحفاظ، فيرجحون الوقف في مثل هذه الصورة، ويرجحون الإرسال في مسألة تعارض الوصل والإرسال، وهناك قول ثالث وهو أن الحكم للأحفظ، إذا كان من رفعه أحفظ فالحكم له، وإذا كان من وقفه أحفظ فالحكم له، ومنهم من يقول: الحكم للأكثر، والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد، هذه أقوال أهل العلم ممن يحكم بحكم عام مطرد، ولو نظرنا إلى طريقة الأئمة الكبار في مثل هذه الصورة نجدهم لا يحكمون بحكم عام مطرد، بل يرجحون بين الأقوال بالقرائن، فما دلت القرائن على أنه أرجح فالحكم له، فقد يحكم الإمام الواحد على حديث بالرفع، ويحكم على حديث آخر بالوقف، ما يقول: الحكم لمن رفع مطلقاً، ولا يقول: الحكم لمن وقف مطلقاً، وهكذا في مسألة الوقف والإرسال، بل إذا رجحت القرائن الرفع حكم به، وإذا رجحت القرائن الوقف حكم به، وهذه هي طريقة الأئمة المتقدمين، وهم أهل هذا الشأن.