الوالد هو السبب في وجود الإنسان، جعله الله -جل وعلا- سبباً لوجوده، ولولا أن الله -جل وعلا- قيض هذا الرجل وتزوج بهذه المرأة ما وجدت، يعني ما استثني من ذلك إلا آدم وحواء وعيسى من اجتماع الصورة وإلا فبقية بني آدم على هذا، بالتزواج بين الوالدين، فهما السبب في إيجادك، فحقهما أعظم حق عليك بعد حق الله -جل وعلا-، وورد حقهما مقروناً بحق الله -جل وعلا- في كثير من النصوص، فحقهما عظيم، قد يحمل الإنسان أمه أو أباه على ظهره لحاجتهما إليه، ومع ذلك قد لا يوفي بحقهما، مع أن هذا من أفضل أنواع البر، قد يقوم بحاجتهما الخاصة عند احتياجهما إليه، ومع ذلك حقهما عظيم، فالعمل الوحيد الذي يمكن أن يكافئ به الوالد بدليل الحصر في الحديث في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكاً فيعتقه)) هو سبب وجودك، وأنت الآن في هذه الصورة تسببت في وجوده الحقيقي؛ لأنه وجوده مع الرق كلا وجود، منافعه مملوكة لغيره، لا يستطيع أن يتصرف بنفسه، فوجوده كالعدم، وأنت إذا اشتريته وجدته مملوكاً فاشتريته وأعتقته تسببت في وجوده حكماً، وإن كان الوجود الحقيقي الذي لا أثر له مما يلحقه كان موجوداً، لكن وجود، هل يلحقه ببني آدم، أو يلحقه بالبهائم التي تباع وتشترى؛ لأن أحكام الرقيق ينظر فيها باعتباره سلعة يباع ويشترى، أو باعتباره إنسان له عقله، وله تمييزه، وله اعتباره، وله مشاعره، فيتردد بين هذين الأصلين، فإلحاقه بأحدهما من باب قياس الشبه، فإذا وجد أباه والحال أنه متردد بين الإنسان والبهيمة هل يلحق بهذا أو بهذا؟ فما معنى هذا الوجود؟ كلا وجود، لكن إذا اشتراه واعتقه تسبب في وجوده الاعتباري الحقيقي الذي ينتفع به وإلا فوجوده قبل ذلك لمصلحة غيره.