الأعرابي الذي جامع في نهار رمضان، وقال: "والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا أو مني أو من أهل بيتي" قالوا: إنه حلف بناءً على غلبة ظنه، لا عن استقراء تام لبيوت المدينة، وجوزوا أخذاً من هذا الحديث الحلف على غلبة الظن، هذا حلف على غلبة الظن أن هذه العين له، ويحصل هذا كثير، تضع كتابك في مكانك تحجز به المكان وتذهب إلى أماكن الوضوء تجدد الوضوء وترجع، فإذا بشخص آخر وضع كتابه بنفس المكان نفس الطبعة ونفس التجليد واللون ومن كل وجه، وتحلف أن هذا كتابك بناءً على غلبة الظن، وحلفت، وقال: خلاص خذ الكتاب، لما ذهبت إلى البيت وجدت فيه تعليقات ليس بقلمك، وفي كتابك تعليقات ما وجدتها في هذا الكتاب، أنت لما حلفت بناءً على غلبة الظن هل أنت آثم تدخل في حديث: ((أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة)) ((ولقي الله وهو عليه غضبان)) أنت حلفت على غلبة الظن.
يبقى أن الحكم معلق فإن رددته إلى صاحبه خرجت من العهدة، وإن قلت: والله أنا حلفت وحكم لي به، وانتهى الإشكال .... عند قاضي حلفت، وقال: خذ الكتاب، يأتي في هذا ما تقدم ذكره من الخلاف بين الجمهور والحنفية.
الجمهور يقولون: إنه لا يحل له، إن حل له ظاهراً فلن يحل له باطناً، بل يلزمه أن يعيده إلى صاحبه، والحنفية يقولون على خلاف بينهم في المسألة يحل له ظاهراً وباطناً، وبعضهم يطلق، وبعضهم يستثني الأموال، فيقول: الأموال لا تحل له باطناً، وإن حلت له الفروج، مع أن هذا من الغرائب، يعني إذا حكم القاضي ببينة كاذبة أن هذا المال له على التفريق عندهم أنه لا يحل له المال، لكن إن حكم له بأن هذه المرأة زوجته تحل له؛ لأن المقرر أن الاحتياط للفروج أولى من الاحتياط للأموال، الفروج والأعراض يحتاط لها أكثر من الأموال، فيستغرب من الحنفية أن يشددوا في أمر الأولاد أكثر من أمر الفروج.