طيب ليس في الصحيح: ((البينة على المدعي)) قال: "وللبيهقي بإسناد صحيح: ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) " ماذا نقول عن البينة على المدعي الذي خرجها البيهقي بإسناد صحيح، وأعرض عنها الشيخان؟ هل نقول: إن إعراض الشيخين عن تخريجها تعليل لها؟ أو نقول: هذه زيادة ثقة لا تعارض ما في الصحيحين فهي مقبولة ولها ما يشهد لها؟
كثيراً ما يعل أهل الحديث زيادة جملة مخرجة في مسلم بإعراض البخاري عنها، في سنن أبي داود أو غيره من السنن بإعراض الشيخين عنها، كثيراً ما يعلون بذلك، فهل نقول: إن البينة على المدعي هذه الجملة معلة بعدم تخريج الشيخين لها؟ أو نقول: هي زيادة ثقة غير مخالفة لما في الصحيحين فتكون مقبولة لا سيما وأن لها ما يشهد لها في أحاديث وقضايا أخرى؟
على كل حال هذا الحديث أصل في الدعاوى والبينات، واعتمده أهل العلم، وجرى عليه العمل عندهم، فهي مقبولة على كل حال.
طالب: ومثلها: ((إنك لا تخلف الميعاد)) رعاك الله، الذي رواها البيهقي، وأعرض عنها البخاري؟
هذه شأنها أعظم؛ لأنها اعتمدت من أهل العلم، يعني مثل هذه الجمل الزائدة التي يحكم عليها الأئمة الكبار بأنها غير محفوظة، ويحكم عليها غيرهم بأنها زيادة ثقة، هذه النظر فيها للأئمة؛ لأنهم برسوخهم في هذا الشأن، ومعرفتهم التامة، وسعة اطلاعهم فإنهم ليعلون الأحاديث من غير بيان علة، بل قد لا يستطيعون بيان وجه العلة، وإنما يكتفون بشم الحديث؛ لأنهم من معاناتهم للحديث، واهتمامهم بالحديث، وعيشهم مع الحديث صاروا يعرفون ما يمكن إثباته، وما يمكن نفيه، بخلاف سائر المتعلمين من المتأخرين وغيرهم، ممن لم يصل إلى منزلتهم، ولذا تجدهم يعلون ((إن الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين)) ويعلون: ((إنك لا تخلف الميعاد)) وإن كانت طريقة المتأخرين قبول مثل هذه الزيادات؛ لأنها غير منافية لما جاء في الصحيح، لما جاء فيما هو أصح.
هذه الجملة ((البينة على المدعي)) تلقاها أهل العلم بالقبول، وجعلوها أصل في هذا الباب، ومما يقوى به الحديث عمل أهل العلم به، إذا كان عليه العمل تقوى به، وكثيراً ما يقول الإمام الترمذي: "وعليه العمل عند أهل العلم" يقوي بذلك الرواية التي يسوقها.