((رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق ولم يقض به وجار في حكمه فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار)) القسمة كما في الحديث ثلاثية، ألا يمكن أن تزاد هذه القسمة برابع، رجل عرف الحق قضى به أو لم يقض به، هذان اثنان، ورجل جهل الحق قضى بالحق أو قضى بالجهل، يعني وافق الحق أو خالف، يمكن أن يوافق على قسمة رباعية؟ أو نقول: إن الجاهل قسم واحد سواء وافق أو خالف؟ فموافقته لا تعفيه من الإثم؛ لأن بعض الناس يُسأل عن مسألة فلا يتورع فيفتي بغير علم، ثم بعد ذلك يذهب إلى المراجع فيبحث في هذه المسألة، فإذا وجد أنه أصاب الحق فرح فرحاً شديداً، وظن أنه برئ من العهدة، نقول: لا يبرأ من العهدة، هذا حاصل، يُسأل عن مسألة فتجده يجيب فوراً من غير علم مجاملة لمن سأله، أو يخشى أن يقال: ليس عنده علم فلا يتورع، وهذا حال كثير من طلاب العلم، ثم إذا انتهى من الجواب ندم، ولات ساعة مندم، نعم الندم توبة، لكن لا يعفيه هذا من أن يرتكب مثل هذا الأمر، يذهب للمراجع فإذا وجد قوله وافق القول الراجح ظن أنه برئ من العهدة، لم يبرأ ... ، هو مؤاخذ على فتواه بغير علم، سواء وافق الحق وطابق القول الراجح أو لم يطابق، وهنا نقول: ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار نسأل الله العافية، يعني سواء طابق أو لم يطابق، طابق الحق أو لم يطابق، في حديث في الصحيحين وغيرهما: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً من صدور الرجال، وإنما يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالماً أتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) حينما ينزع، أو يقبض العلماء يحتاج الناس إلى بعض من عنده شيء من العلم، ولو لم تتوافر فيه جميع الشروط، يعني لو لم نجد في البلد بحثنا نحتاج إلى قاضي، نحتاج إلى مفتي، فوجدنا أمثل من في البلد لا تتوافر فيه جميع الشروط، يُترك الناس بدون فتوى وبدون قضاء؟ أو نقول: يأثم الناس كلهم حيث لم يتأهل فيهم من يقوم بهذا الواجب؟ لأن القضاء والفتوى من فروض الكفايات لا بد أن يقوم به من يكفي، وعلى ولي الأمر أن يبذل جهده في تهيئة الأكفاء للفتوى والقضاء، وجميع أمور الناس، وما يهمهم،