قال -رحمه الله-: "وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه)) رواه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان" ((قال: إن شاء الله)) هذا الاستثناء ينفع ((من حلف على يمين فقال: إن شاء الله)) كما حلف سليمان -عليه السلام- أن يطأ نساءه تلد كل واحدة منهن فارساً يقاتل في سبيل الله، فقال له الملك: قل: إن شاء الله، فلم يقل، فما الذي حصل؟ ما ولدت واحدة منهن إلا واحدة جاءت بشق ولد؛ لأنه لم يستثن، وهنا الاستثناء ينفع، لماذا؟ لأن الأمر إذا علق بالمشيئة يتبين عند حصوله أو عدمه، فإن حصل فإن الله -جل وعلا- قد شاءه، وإن لم يحصل فإن الله -جل وعلا- حينئذٍ لم يشأ، والمراد بذلك المشيئة الكونية التي علمها عند الله -جل وعلا-، ما تتبين إلا بعد ظهور ما رتب عليها، منهم من يقول: إذا حلفت على أمر مطلوب شرعاً لا ينفعك أن تقول: إن شاء
الله، لماذا؟ لأن الله قد شاءه وأراده، فلا ينفعك الاستثناء حينئذٍ، نظراً إلى المشيئة الشرعية، لكن مقتضى الحديث أن الملحوظ والمنظور إليه الإرادة والمشيئة الكونية.
نظير هذا إذا قيل لك: أقرئ فلاناً مني السلام، فقلت: إن شاء الله، ما أقرأته السلام، يعني يلزمك أن تقرأه السلام؛ لأنك التزمت للشخص؟ لكن علقته ... ، ما شاء الله أني أقرئه منك السلام، فتكون حينئذٍ بالخيار، ما تلزم نفسك بغير لازم، إذا قال لك: أقرئ فلاناً مني السلام، وقلت: أبشر، من دون مشيئة، أنت الآن التزمت للرجل، لكن إذا قلت: إن شاء الله خرجت من العهدة، فإن أقرأته فقد شاء الله منك أن تقرئه السلام، وإن لم تقرئه فقد شاء الله منك ألا تقرئه.
ومثل هذا اليمين، إذا قلت: إن شاء الله بنية التعليق لا بنية التبرك، فإنك تنتفع بهذا التعليق، ولا بد أن تقول، ما يكفي أن تضمر في نفسك إن شاء الله؛ لأن قال: ((فقال: إن شاء الله)) يعني قالها لفظاً.